من كسلا سلام
وداعاً جماع
بقلم: همرور حسين همرور
كنت لا أتمنى أن تكون نهاية السيد الوالي بهذه الطريقة الدراماتيكية، فالرجل أعد الكثير لنفسه، وسعى لتجميل وجهه من خلال الهتيفة والهتافات المصنوعة والمطبلاتية الذين يهتفون باسم الوالي ويرددون شعارات جماع بالإجماع!
السيد الوالي كلّف الولاية الكثير، بل حول البعض من سكان الولاية حتى المناصرين لجماع دون أن يلتزم نحوهم بأي حقوق أو خدمات وتنمية بائنة وعمل على زرع، في دواخلهم، المناطقية التي لا يعرفها أهل كسلا أم تقاق.
فلقد قام بتقسيم المدينة لشطرين شطر مناصر يهتف بحياته وآخر صابر على سوءاته، تلك كانت البداية الخاطئة لجماع الذي سعى لضرب النسيج الاجتماعي في ولاية تعتبر سوداناً مصغراً، الكل فيها سيد وصاحب حقوق، وتعتبر الدورة المدرسية بداية الشرارة التى أدت إلى ضرب الوحدة المجتمعية لسكان كسلا، وخير شاهد ما تم من عمل النفير في ملعب البشير الأولمبي والذي قام على أكتاف الغلابة المساكين.
إن تجاهل الوالي لقضية الخدمات العامة واحتكاره لكل السلطات، وإقصاء أصحاب الرأي والخبرة حتى من عضوية حزبه والإستعاضة عنهم بآخرين من فصيلة قوم تبع يحركهم كيفما يشاء، زاد أوجاع الولاية في مناحيها الخدمية المختلفة وتراجعت إلى أقصى درجات التراجع.
إن الوباء الذي اجتاح كسلا، أي حمى الشيكونغونيا والتي يصر السيد الوالي على عدم خطورتها وقلة انتشارها، رغم إصابة وزير صحته ومعتمد كسلا والكثير من رجالاته، رغم ذلك تتستر إداراته الفاشلة وإعلامه المضلل، ما دفع أهل كسلا من عامة الناس خاصة الناشطين ليسخطوا عليه وعلى حكومته التي فقدت بوصلة القيادة نسبة لتخليها عن مسؤولياتها بل وتقاعسها عن أداء مهامها وواجباتها تجاه مواطنيها، إبتداءً من عدم اعترافها بمعاناة المواطنين وإنكارها وجود الوباء الذي انتشر بصورة مخيفة لأكثر من شهر، يفتك بضعاف البني الجسمانية من كبار السن والأطفال من قاطني كسلا وضواحيها، بل إمتد الوباء إلى خارج الحدود ليصل إلى تسني الإرترية والتي بدورها اعترفت به، والسلطات الإرترية قامت باغلاق المنطقة إحترازياً، وكثفت حملات الرش وعلاج المصابيين. فى المقابل يصر السيد جماع على النفي القاطع للمرض وانتشاره!
وعلى صعيد آخر نشط المهتمون والمصابون في عمل هاشتاقات #كسلا_تحتضر عبر الوسائط المختلفة، ما حرك ساكن الحكومة المركزية في الخرطوم للتحرك وكشف المستور، فبانت الحقيقة للسيد رئيس الوزراء عند زيارته لمشفى صحي بالضفة الغربية للمدينة، فتكشفت له حقيقة الأمر الذي عملت على إخفائه حكومة جماع.
وأخيراً فُجعت كسلا وأهلها بحديث البشير في اجتماع شباب حزبه الذي أشار بأن الميديا ضخمت حجم الكارثة في كسلا وأن أحداً لم يمت. كانت تصريحات الرئيس محبطة خاصة لأهالي كسلا الذين نادوا بإنقاذ أهلهم ومحاسبة جماع بل وإقالته، لقد فقد البشير وحزبه أي تعاطف من أهل كسلا نتيجة سياسات حكومة الولاية ورغم تصريحات البشير، أشارت بعض الروايات إلى ما دار بين البشير وجماع في الغرفة المغلقة بما يوحي بحدة البشير مع الوالي حول تقصير جماع وإدارته مما لا يضع مجالاً للشك بأن جماع سيكون أول المغادرين لهذه الولاية المنكوبة نسبة لفشله التام في إدارة الولاية وتصريحاته المتكررة بعدم اعترافه بوجود الوباء. أما الأدهى والأمر استلام السيد الوالي للمعينات والمساعدات الإنسانية التي قدمتها بعض منظمات ومجموعات طوعية وأهلية، رغم إنكاره للوباء الذي إجتاح كسلا!
هذا السلوك يعجل بأهمية فتح حسابات مثل حساب الدورة المدرسية، بعد أن تجاهلت إدارة جماع ذلك إلا بعد المزيد من ممارسة الضغط الذى أدى إلى فتح الحساب ولكن ليس باسم شخص اعتباري وبل بأسماء أشخاص وهذا أيضا (مرق دخان) وتم تجاهل عملية الافصاح والشفافية ورغم إننا كمسلمين ملتزمين بطبيعتنا بحقوق الناس إلا أن ضعفاء النفوس منا هم الذين حادوا عن هذا المبدأ، لذا كان لا بد من أن تتم المساءلة المحاسبية من إستلام وتسلم عبر أورنيك51 معدل مخازن من السادة وزارة الصحة الولائية حفاظاً على الدعومات المقدمة لأن تعاطف الكثيرين مع أهل الوريفة ما زال مستمر ووصلت دعومات من أقصى الأقاصي من أمريكا ودول الخليج ومن أبناء الداخل، الذين قدموا أدوية وأجهزة ومعدات ومعينات مختلفة وأموال كما فعلها عمال مصفاة الخرطوم.
هذا المشهد الذى تعيشه كسلا يعبر عن فوضى فلا رقيب ولا حسيب. إذ لا بدّ من تكوين لجنة حصر الدواء لمعرفة النوع والكمية وطرق الحفظ والتوزيع بوجود أمين المخزن ومحاسب المخزن ومراجع الوزارة وكبير الصيادلة بالمستشفى التعليمي وإغلاق صيدلية الجراحة بالمستشفى التعليمي التي كان يديرها إتحاد الصيادلة الذى قام بتحويل دواء الخيريين إلى صيدلية الطورائ مما يعد تجاوزاً واضحاً من قبل الوزارة لأنه خلط دواء المنحة مع دواء الطورائ الموجودة أصلاً في هذه الصيدلية، سؤالنا هنا ما الهدف من هذه العملية والمخالفة المحاسبية الواضحة، (شنو يعني عايز يتم عمل ترقيع أم بيع مخفض؟) ولماذا السكوت من قبل الجهات الرقابية سواء كانت إدارة المراجعة أو الحسابات أو أمناء المخازن أو المدير العام للوزارة، لماذا عدم الإفصاح عن عدد كميات الدواء بمستند رسمي؟ وهل الكميات الكبيرة من الدواء داخل مكتب المدير الطبي لمستشفى كسلا التعليمي تابعة لدواء المنحة أم خاصة بالمستشفى؟ فإذا كانت خاصة بالمستشفى لماذا لا تكون بالمخزن؟ وإذا كانت تابعة للمجهود الخيري لماذا يتم تكديسها داخل مكتب المدير الطبي؟
لا أدري هل هذه التجاوزات التي نراها بأم أعيننا معلومة لدى جهات الإختصاص الإدارية أم يرجع ذلك إلى نفس (الطلس).
أسأل الله أن يرفع عنا هذا الوباء، حتى نعلم ما بداخل مخيلة السيد جماع وما يخفيه لنا، مع كيفية معرفة التصرف في الأدوية، أم سنرى نفس سيناريو ما حدث بالدورة المدرسية، بعد بيع المراتب والملايات وغيرها بالتقسيط للموظفين، فما هو الأسلوب الجديد الذي تريد إدارة جماع إضافته لعالم المحاسبة والشفافية، وما هي الطريقة المناسبة التي يريد أن يتبعها للتعامل مع فائض الدواء؟
هذا ما ننتظره بفارق الصبر.
Leave a Reply