كبار الأساتذة بين الإستغناء و الإستبقاء.. (1-2)

شئ من حتى
د. صديق تاور كافى

كبار الأساتذة بين الإستغناء و الإستبقاء.. (1-2)

أثار قرار رئاسة الجمهورية الخاص بسن التقاعد و إلزامية الإستغناء عمن ينطبق عليهم الحال بلا إستثناء، أثار ردود أفعال متقاطعة على صعيد مؤسسات التعليم العالى بشكل خاص، كون القرار لامس شريحة الأساتذة الذين تتلمذت على أيديهم الأجيال المتعاقبة وضمنها من عليهم تنفيذ هذا القرار نفسه على جيل الآباء و الأجداد.
التقاطعات و التباين فى ردود الأفعال لم تنطلق من فراغ، لذلك نحتاج لكى نفهم الحالة للنظر من مختلف الزوايا و بعدسات متنوعة..قبل ذلك فإن هذا القرار قد صدر تمشيا مع الإجراءات الإقتصادية الأخيرة لرئيس الوزراء، وزير المالية معتز موسى (الصدمة)، ضمن محاولات الخروج من عنق الزجاجة الذى تعيشه الحكومة فى أزمتها الإقتصادية الخانقة، و ليس من باب الإصلاح المؤسسى العام. أيا كان الأمر فلابد أن نقف عند حزمة من الحقائق:
– أولا بالنسبة للخدمة المدنية عموما، فهذا الإجراء أمر طبيعى ضمن دورة الحياة، و لا يحتاج لجدال.. فقد إستغل جماعة المتأسلمين وجودهم فى السلطة أسوأ إستغلال (كغنائم)، تحت شعار التمكين بالصورة التى سرطنت هذه المؤسسات، و أفسدت الحياة فيها.
-ثانيا.. فى مؤسسات التعليم العالى و التى لم تكن أحسن حالا من بقية المؤسسات، فإن طبيعتها تفرض عليها تقاليد عمل و أعراف تختلف عن غيرها. فمن يشتغلون بالعلم و المعرفة لا تقعدهم محطات التقاعد على الرصيف، ولكن يمكن أن تتبدل أدوارهم بتبدل الأجيال ضمن نفس المؤسسة. بمعنى أن يشتغل الأستاذ الذى ينطبق عليه الحال بالتدريس و الإشراف و البحث و إعداد الكتب و تحكيم الأوراق و المشاركة فى المؤتمرات… إلخ.. وهذه أدوار داعمة و ليست متقاطعة مع سير المؤسسة الأكاديمية و تطورها بتعاقب الأجيال فيها.. لذلك تجد الكثير من الجامعات الكبيرة تحافظ على تواصلها مع من تقدم بهم العمر من العلماء من باب الإستفادة من معرفتهم و خبرتهم..و عرفانا لعطائم و أدوارهم..بينما تتابع الأجيال المتعاقبة المهام الإدارية و المواكبة و التطوير المؤسسى.

إذا من أين جاءت التقاطعات فى الحالة السودانية؟ حيث عنى القرار الإستغناء عن شريحة من الأساتذة لا تستغنى عنها الجامعات عادة، و تعتبرها ظهيرا لأجيالها و صمام أمان لصوابية مسيرتها. هناك عدة أسباب لتفسير هذه الحالة (الظاهرة).. و نعنى ترحيب كثيرين من صغار الأساتذة بهذا الإجراء، مقابل شعور كثيرين أيضا من كبار الأساتذة بغصة فى الحلق..

(نواصل)

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.