قيام للمعلمين بالخروج للشوارع والميادين

قيام للمعلمين بالخروج للشوارع والميادين

تنتظم بلادنا حركة احتجاجات متنامية ومنظمة بصورة حضارية، من قبل كل قطاعات الشعب، تتصدرها لجان المعلمين وتنظيماتهم وروابطهم في مختلف ولايات السودان، بعد أن بلغت الأزمة الوطنية ذروتها واستحالت الحياة على الجميع، الموظفين والمعلمين، والمهنيين، والمزارعين، والعمال، وأرباب المعاشات، وخيّم شبح الجوع والموت على الأسر والمواطنين، وانفلتت الأسعار في الأسواق من عقالها، وانهار الاقتصاد وآلياته، وفقدت الطغمة الفاشية أي مبررٍ لوجودها، وفشلت كل برامجها وسياساتها المرتجلة التي وظفتها خلال سنينها العجاف، لخدمة الرأسمالية الطفيلية المتأسلمة، التي تفرخ من أسمتهم القطط السمان، وعصابات غسيل الأموال، والمتاجرة في قوت الكادحين والفقراء، والسطو على ممتلكات الدولة، ومقدرات البلاد باسم الخصخصة، فكان الضحايا هم غالب جماهير الشعب، وبناة العقول، ورسل المعرفة، وأقمار العلم، قبل المزارعين، والعمال، والطلاب، والشباب والمهنيين.
فانتفض المعلمون في العديد من الولايات، وهم يطالبون بحقوقهم المشروعة، التي لا تكفي حد الكفاف.
ولم يبق عذرٌ لأحد للصبر على مهزلة النظام واستهتاره بحياة السودانيين وكرامتهم، وهو يسوقهم إلى هاوية الكارثة، وقد رأى المعلمون، ببصيرة الحكمة وثاقب النظر، أن النظام القائم أعجز من أن يجد حلاً لأزمات الوطن المتفاقمة، التي فرختها توجهاته الطفيلية الاستبدادية، إضافة إلى كونه المهدد الجدي لوجود الوطن نفسه، ولأن فاقد الشيء لا يعطيه، على المعلمين وجموع الشعب من الطلاب والشباب والماجدات، وأساتذة الجامعات والمهنيين والعمال والمزارعين، وجماهير الشعب السوداني في قراه ومدنه، في مساجده وأسواقه وانديته ومواقع تجمعاته، أن يخرجوا للشوارع  للتعبير عن رفضهم للمذلة والمهانه ولسياسات الافقار والإفساد، وتصعيد الاحتجاجات سلمياً، حتى سقوطه الحتمي، غير مأسوف عليه، وأن يتحلى الجميع إبان ذلك بروح المسؤولية الوطنية بالحفاظ على ممتكات أجيالنا القادمة، وعلى الممتلكات الخاصة، في الأسواق والشوارع، وحراستها وحفظها من لصوص النظام وزبانيته، الذين درجوا  على خلط الأوراق وتشويه نضالات وهبات شعبنا، بارتكاب جرائم التخريب باسم الثائرين، فالشعب السوداني اليوم وبكل قطاعاته أوعى وأعلم بكل أساليب النظام، ومن يقف من خلفه، ودسائسهما، وهو إذ يبتدر انتفاضته ضد الظلم والقهر والجوع والخراب والفساد والحرب، إنما يسعى للحفاظ على ما تبقى من مؤسسات وطنه لأجياله القادمة، وهو أحرص من كل زبانية السلطة على حفظ أرواح شعبه وممتلكاته، فقد شيدها بعرق أبنائه وجهدهم، وأتت سلطة الانقاذ وأعملت فيها معاول الهدم والتدمير والفساد الممنهجين، حتى أحالتها إلى حطام وخراب، وسامت الجميع البؤس والعذاب الذي نرى ونعيش.
إن الحقيقة الوحيدة الماثلة الآن، هي أن بقاء النظام لأي فترة في الحكم هو مخاطرة غير محسوبة العواقب، بتفتيت الوطن ودماره  وبالمزيد من التفريط في سيادته واستقلاله، وأن الخروج للشارع اليوم ضرورة وطنية وواجب أخلاقي وإنساني، يجد الجميع أنفسهم ملزمين به الآن، ليؤكدوا شرف أنتمائهم للسودان وشعبه وثوراته ومستقبله، وقطعاً لطريق بديله الزائف الذي تتكالب القوى الاستعمارية مع النظام، لتخليقه باسم المصالحة والهبوط الناعم وانقلاب القصر.

التحية لمعلمي السودان في كل مواقعهم ومدارسهم، وقد خبروا نظام الجوع والحروب والفشل، بصبرهم المعهود حتى لم يبق في قوس صبرهم منزع، وغدا الصمت والانتظار  على واقع الحال، الذي يغني عن السؤال، جريمة فأعلنوا عن رفضهم بالاعتصام عن العمل.
جماهير الشعب السوداني مدعوة، (الآن.. الآن وليس غدا) أن تعبر عن إرادتها، في الميادين والشوارع ومواقع العمل والسكن والدراسة، بالتظاهر والاحتجاج وبتشكيل لجان انتفاضتها بكلمة واحدة (لا).
لا للقهر والفساد والاستبداد، وصولاً للانتفاضة الشاملة والعصيان المدني.
ففي البدء كانت الكلمة، وكان انتصار الحق والشعب على الباطل وطغمته.