قليل كلام في الرد على الإمام

قليل كلام في الرد على الإمام

بقلم: خالد ضياء الدين

في خطابه أمام منتدى الوسطية في عمان، تحدث الصادق المهدي عن خطر الإرهاب على الأمن الاجتماعي والسلم الأهلي، حول الوعي الوطني وحواضن التطرف وذلك في عمان (الاردن) يوم 18 سبتمبر 2018.
وكعادته (شرك الامام وحاحا) في حديثه كما (شرق وغرب) ليواصل انتقاده للفكر القومي العربي وايدلوجيته الاشتراكية، والذي أشار إلى أنه نهج جسده حزب البعث والتجربة الناصريه، لكنه في حديثه ادعى بأنه لم يكن للفكر العربي الاشتراكي تصور لنظام الحكم ولا حتى للنظام الاشتراكي المنشود، وخلص إلى مايريد الوصول إليه متهماً النظم الاشتراكية بالدكتاتورية وتحديداً (تجربة البعث والناصرية والقذافي).
كما تحدث عن الحركات الإسلامية بعد ما أسماه بالغزو أو الربيع العربي، وكيف أن الكبت جعل الشعب يتحلق حول الولاءات الطائفية والوراثية والعشائرية.
وحدد بأن أهم حركات الدفاع عن الهوية الإسلامية هذه، حركة الإخوان المسلمين!
وكعادته حاول الصادق أن يقدم رؤية تأريخية
(من وجهة نظره هو)، يحشو بها خطابه ليصل إلى بيت قصيده وهو اتهام صدام حسين بقهر المكون الشيعي الذي ادعى أنهم (أغلبية) وهو الذي لايملك إحصاءات لشعب العراق وتعداد شيعته وسنته، (فلم يحدث أن قام العراق بتعداد سكاني على أساس طائفي لمعرفة عدد سنته وشيعته).
كما اتهم صدام حسين باغتيال زعماء الشيعة محمد باقر الصدر ومهدي الحكيم، وأضاف بأنه قهر المكون الكردي.
الغريب في الأمر أن مهدي الحكيم تم اغتياله في الخرطوم داخل فندق هيلتون (علي عينك يا تاجر)، أمام الناس والشرطة، حينها كان الصادق المهدي رئيساً للوزراء ووزيراً للدفاع، ولم نسمع له حينها اتهام لصدام حسين باغتيال الحكيم، فلماذا صمت الصادق عن قول الحق سنين عديدة طالما يملك دليل اتهام على صدام حسين؟
وأما قهر الشيعة والأكراد؛ فكان على الصادق أن يفرق بين متمرد ومواطن عادي.
فهل سمع أحد عن قهر للمواطن الشيعي وقد كان أكثر قادة الدولة من المكون الشيعي؟ وقد قاتل صدام حلفاء الصادق (الصفويين) بجيش نصفه من الشيعة. والآن أشواق أهل الحنوب (الشيعة) تهتف باسم الشهيد في البصرة، مما شكل صدمة لأمريكا ولحكومة المنطقة الخضراء، فهل علينا أن نعتبر الصادق المهدي أحد دعاة شيطنة البعث وأحد واجهاتها؟
وهل لا يعلم الصادق بأن أكثر من 30 مطلوباً من أصل 50 من قادة العراق على (قائمة المطلوبين الامريكية) بعد الاحتلال كانوا من الشيعة، أم أنه نصب نفسه مدافعاً عن إيران وتوجهها المذهبي الطائفي الصفوي التوسعي، وقد أرق مضجعه هتاف الشيعة العراقيين (عائد عائد يا صدام… إيران تطلع برة .. بغداد تبقى حرة)؟
أما قتال المتمردين فقد قاتل الصادق، وهو رئيس وزراء ووزير دفاع، قاتل حركة التمرد في الجنوب ورضي بدعم صدام حسين الذي يصفه الآن بالدكتاتور، كما رفض اتفاقية السلام (الميرغني/قرنق) مفضلاً استمرار الحرب، فهل يمكن أن نقول بأن الصادق (قهر) المكون الأفريقي المسيحي في السودان؟
وأما الأكراد فقد كنت اتمنى على الصادق أن يصف حالهم في إيران وسوريا مقارنة بوضعهم في العراق بعد أن نالوا الحكم الذاتي على يد صدام حسين، ماجعل منطقتهم الأكثر نماءً حتى صارت منتجعاً للعراقيين. وأحيلك الى إفادة السيدة الكردية التي أشارت في فيديو حقق أكبر انتشار، قالت فيه: (ماتمتع به الأكراد من حقوق في ظل حكم البعث لم يجدوه في أي نظام).
وأما القذافي فيكفي إنه احتضن وانفق على الصادق ملايين الدولارات، وأعد له جيشاً وتسليحاً وتدريباً، كما وفر له أجانب ليغزو بهم البلاد في 1976، كل ذلك والآن يصفه بالنظام الدكتاتوري!
كيف يستعين الصادق الديمقراطي بحكم ومال دكتاتور ليقاتل دكتاتور بأنصاره وأجانب، ثم يصالح الدكتاتور قبل أن تجف دماء (أحبابه).

#ديمقراطية #الصادق
كثيرا مايتحدث الصادق كأنما هو العاشق المتيم بالديمقراطية، فهل هو كذلك؟
ولأنه في خطابه هذا اهتم بالتأريخ، نذكره ببعضها والشئ بالشئ يذكر؛ ففي صراع حزبه وصراعه هو من أجل السلطة، خاض الحروب وقام بعمل يستنكره الآن ويعده من الإرهاب، وليس ببعيد من التأريخ أحداث مارس 1954 وما سفك فيها من دماء، كذلك أحداث المولد ثم الجزيرة أبا وماسمي بالمرتزقة، وأحداث شرق السودان، وكلها أحداث دامية كان لأنصار الصادق اليد الطولى فيها وله تحديداً في بعضها دور أساسي راح ضحيته الكثير من ابناء الوطن، لم نسمع حتى يومنا هذا أنه ترحم على من قتلوا من الأبرياء ضحايا لصراعه وحزبه من أجل السلطة.
ثم ماذا قدم الصادق الديمقراطي للبلاد وقد حكم ثم فرط، ثم حكم ثم فرط؟ وهكذا ظل يتقلب إما حاكماً أو معارضاً إلى حين ثم مصالحاً للدكتاتور.. ومايزال الشيخ تواقاً إلى السلطة منذ بواكير شبابه وحتى اليوم.
فهل نسي الصادق، في عز انتقاده لما أسماه قهر صدام لمكونات شعبه ودكتاتوريته، هل نسي أنه، عندما كان رئيساً للوزراء، حل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرمان؟
هل نسي أنه عدل أول دستور بعد الاستقلال ليفصل قوانين تتفق ورؤيته الاستبدادية…
(لماذا ينتقد تعديل دستور الإنقاذ المقترح الآن، والحال من بعضه؟)
هل نسي أنه رفض قرار المحكمة العليا، قائلاً إنها لا تلزمه؟
هل نسي استجلاب حزبه للأنصار من الأقاليم وحصارهم للعاصمة وتهديدهم بالعنف ودق طبول الحرب حتى أسقط حكومة الهيئات؟
هل من الديمقراطية أن يستقيل عضو الجمعية التأسيسية بشرى حامد عام 1966 من الدائرة 62 كوستي، ليدخل هو (الحسيب النسيب) البرلمان لأنه لايطيق إلا أن يكون في موقع القيادة؟
هل نسي أنه أول من شق حزب الأمة وتحالف مع الإخوان المسلمين بقيادة الترابي، وأنه السبب في تمددهم ووصولهم بالبلاد لما نحن فيه الآن؟
هل نسي أنه عندما فشل في دخول الجمعية التأسيسية بالانتخاب الديمقراطي استقال له، وللمرة الثانية، العضو حمادصالح أحمد نائب الدائرة 188 العجايرة ليخليها له؟
ولا أظنه، وهو ينتقد القبضة الحديدية للقوميين، لا أظنه ينسى قبضته الفولاذية لحزبه الذي يعين ويفصل فيه من يريد بحيث جعله مرتعاً اسرياً كامل الدسم، وأما (من استغنى) فهو عند الإمام منبوذاً و(الباب يفوت جمل)، الأمر الذي جعل من حزب الأمة الآن 10 أحزاب.
هل نسي في عز انتقاده للدكتاتوريات وتكميم الأفواه وقهر المختلفين معهم، أنه من قبل صرح لجريدة أنباء السودان في نوفمبر 1968 قائلاً (أن أفكار رئيس الحزب الجمهوري خارجة عن نطاق الدين والشريعة الاسلامية)؟
وذلك يعني تكفيره للفكر الجمهوري ودعوة ضمنية لمحاكمة محمود محمد طه، باعتباره خارج عن الدين والشريعة.
ثم أخيراً هل من دواعي الديمقراطية عند الصادق محاولة فرض الدستور الإسلامي بعد اكتوبر 1964؟ وهل بيع الديمقراطية بليل إلى العسكر كما حدث مع عبود في 1958 هو نهج يعبر عن الحرص عليها.. أم في تركها نهباً في 1989 والانشغال، عنها بلعب التنس والغولف وجرتق العرسان ( والبخ باللبن)؟

#البعث #الاسلامي
يهاجم الصادق حزب البعث والقومية لأنه يؤمن فقط بالبعث الاسلامي، ففي كتابه يسألونك عن المهدية ص9 يقول (اذا تلفتنا إلى واقع حياتنا لوجدنا أدلة عقلية تشير إلى حتمية بعث الاسلام بعثاً جديداً)
وفي ص 15 من نفس الكتاب يؤكد (إن ظروف العالم العربي تشير إلى حتمية بعث اسلامي…. إلخ).أيضا في ص 245 و 248 كذلك يبشر بالبعث الإسلامي الذي في مضمونه يؤسس لحزب ديني طائفي ينتقده الآن في خطاب وسطيته المدعاة وهي طريقة لست أدري هل (علمها هو أم تعلمها) من الإخوان المسلمين، وهو القائل (إن مابقي من المهدية هو استعداد وتلهف لمواصلة رسالة البعث الاسلامي)

#اشتراكية #الصادق
جاء في خطاب الصادق أن البعث والناصريين لم تكن لهم رؤية واضحة للحكم ولا حتى للنظام الاشتراكي.!
كيف يقول الصادق ذلك وهو الذي أعلن دعمه لاشتراكية نميري المتأثر حينها بالفكر القومي الاشتراكي الناصري، والذي قال فيه ماقال فقد نشرت جريدة الصحافة في يوم 10 اغسطس 1976 وبعد فشل حركته المسماة حينها (بالمرتزقة) ضد نميري، نشرت خطاباً له من ليبيا جاء فيه: (بأنه كادت كوادر الحركة أن تقتلع النظام المايوي لإقامة نظام اشتراكي مبرأ من الإلحاد…..) في ذلك الوقت تحدث الصادق عن الاشتراكية كنظام حكم ارتضاه هو للسودان وقاتل من أجله ولم نقرأ له حتى اليوم رؤية للاشتراكية كنظام للحكم عكس ماورد في أدبيات حزب البعث منذ تأسيسه وفي تطبيقها عملياً في دولة العراق وما تناوله الكتاب الأخضر وتجربته التي وصفها الصادق في لقاء مع جريدة القبس في سبتمير 1977 (تم الحوار بيننا وبين قادة الثورة الليبية) هنا عندما كان في ليبيا وبعد أن أنفق عليهم رئيسها أكثر من 50 مليون، حسب إفادة المرحوم نميري، في ذلك الحين كان النظام عنده اسمه ثورة، أما الآن فهو نظام دكتاتوري!
وفي نفس العدد من القبس رد الصادق مبرراً لمصالحته مع نظام نميري قائلا ً(أما الآن فموضوع عدم الرغبة في التفرق الحزبي والحرص على إيجاد وعاء قومي… لم يعد هناك خلاف حول أن تكون التنمية والنظام الاقتصادي على اساس اشتراكي)!
ثم يمضي إمام الإشتراكية ليقول (الأنصار لديهم تركيباً إجتماعياً صالحاً للمشاركة في حركة البناء الإشتراكي للبلاد.
وهنا يكبر الإستفهام من قول الامام، كيف يؤيد الصادق تطبيق الاشتراكية في أنظمة يقول بأنها لا تفهم معنى الاشتراكية وليس لديها رؤية للحكم الاشتراكي؟
إنه الصادق الذي ينتقد ثم يلج. فهو الذي قال في الطائفية مالم يقله مالك في الخمر ثم عاد لحضنها وارثاً لحزبها الطائفي، وقد تزعمه ليس لأنه تدرج فيه، بل لأنه ابن الزعيم الطائفي ووارث المجد التليد، واصفا قيادة بالملهمة. وهنا أحيل القارئ إلى كتابه
(يسألونك عن المهدية)
وقد كنت أتوقع من الصادق وهو يفند ويعدد الدكتاتوريات، أن يخص الإنقاذ بالتحليل، فهو المعني بها وبشعب السودان أكثر من عنايته بالشيعة والسنة والأكراد في العراق، وأن يفصل حديثه عن دكتاتورية الواقع في بلاد هو هارب منها وفي نفس الوقت يبحث عن مخرج لرئيسها من محاكمة دولية!.
وعن بلاد يسكنها الآن أو هو متحدث فيها مثل الأردن.. بلاد ممنوع فيها الحديث عن الذات الأميرية، ولكنه الصادق لايريد أن يرينا إلا ما يرى.
والله إني لأعجب كيف تتم دعوة شخص فرط في ديمقراطية سلمت له على طبق من ذهب أكثر من مرة ليتحدث عن أهمية الديمقراطية في منتديات عالمية!
فماذا يقدم فاقد الشيء؟ اللهم إلا إن يقدموه من أجل أن يصف أعداء الامبريالية بالديكتاتوريين، مسوقاً بذلك نفسه الأمارة بالحكم، للغرب الاستعماري، وكأنما وهو يلتقيهم حاسر الرأس من عمامة يقول لهم ها أنا قد هيت لكم.

ا

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.