في السودان كانت دائماً الديكتاتورية واستغلال الدين بوابة الخروج نحو الكيان الصهيوني

في السودان كانت دائماً الديكتاتورية واستغلال الدين بوابة الخروج نحو الكيان الصهيوني

تقرير خاص بالهدف:

في يوم العشرين من شهر نوفمبر من عام 1984، قامت شركة ترانس يروبيان ابرويز- المملوكة لرجل الأعمال عدنان خاشقجي- والتي كانت تقوم بنقل مواد الإغاثة في السودان- بنقل اليهود الفلاشا من مطار الخرطوم إلى بروكسل ومنها إلى تل أبيب- ضمن اتفاق سرى ساعد في إبرامه رجل الأعمال السعودي عدنان خاشقجي، بين الرئيس النميري وآرئيل شارون في نيروبي.

وكان الرئيس السوداني وقتها قد تعسف في القمع والديكتاتورية باعتقال المعارضين السياسيين وسحلهم، وعبث بالدين الإسلامي من خلال تطبيقه لما يسمى بقوانين سبتمبر، واطلاقه لكتابه (النهج الإسلامي)، وواجهت الدولة في تلك الأيام ظروف اقتصادية متردية وانفلات أمني واتساع نطاق الحرب في جنوب السودان، وبالتالي عانى نظام الحكم من عزلة شعبية قاسية، فما كان على الرئيس النميري ومساعديه غير أن يبيعوا استقلالية السودان وتعهداته الدولية مقابل حفنة من الدولارات تدخل جيوبهم الخاصة، إذ كان نصيب الرئيس جعفر النميري (ستة وخمسين مليون دولار) تم إيداعها في حساب سري باسمه في فرع لبنك أوروبي في روما.

ويا لغرابة التواريخ، وسخرية الأقدار، ففي شهر نوفمبر 2018 أعلن رئيس الكيان الصهيوني عن تواصله مع نظام البشير من أجل الشروع في تبادل دبلوماسي كامل، هذا في الوقت الذي يشهد نظام الحكم الذي تقوده الحركة الإسلامية في السودان، تفسخاً في الحكم وفساداً اعترفت به السلطات الديكتاتورية نفسها قبل أن تكشف عنه المؤسسسات الدولية، واتسعت رقعة الأراضي والمجموعات البشرية المتأثرة بالحرب والنزاع والانفلات الأمني، وتدهور الاقتصاد الوطني بصورة غير مسبوقة، مما أصاب النظام الحاكم وزبانيته بعزلة شعبية كبيرة، بعد أن ظلت تعمل على توظيف الشعارات الإسلامية وتعبث بمقدسات الشعب. وتماماً مثل ذات الظروف والممارسات والنتائج التي خلص إليها الديكتاتور السابق جعفر النميري، بدأ النظام الديكتاتوري الحالي بقيادة عمر البشير يسعى سراً في خلق وساطات لبناء جسور مع الكيان الصهيوني، بحسب تقارير إخبارية عالمية، ظناً أن في ذلك خلاصه من الأزمات التي تحيط به وتطبق على نظامه من كل جانب.

إن دولة الكيان الصهيوني بحكم تركيبتها العنصرية غير الديمقراطية، تسعى إلى التواصل مع القيادات المجرمة في الدول النامية بقصد كسر طوق العزلة والحصار الذي ظل مضروباً عليها عالمياً، لا سيما من الدول العربية والإسلامية، والقيادات التحررية؛ لذا في الوقت الذي ترفض فيها القيادات العالمية مجرد الالتقاء برئيس السلطة الديكتاتورية في الخرطوم بسبب الجرائم التي ارتكبها في دارفور، يسعى النظام الصهيوني إلى بناء علاقات مع رؤساء ديكتاتوريين.

ولكن ما لم تستوعبه الديكتاتوريات المتصالحة مع الكيان الصهيوني، وما لم يقرأه عمر البشير و زبانيته من تجربة الدكتاتور السابق النميري، أن خيانة الأمة كانت البوابة التي أطاحت بالنظام الدكتاتوري المايوي، ويبدو أن نظام الحركة الإسلامية في السودان، قد استعجل رحيله إلى الأبد بإقدامهم على هذه الجريرة غير المغتفرة.

لقد ظل الشعب السوداني، والأحزاب الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني ترقب عن كثب استمرار السلطة الديكتاتورية في رهن السيادة الوطنية وتراب الوطن إلى قوى دولية مشبوهة، وكذلك فتح السودان للسمسرة الدولية والارتزاق والعصابات الدولية، والتسريبات المتصلة بفتح المجال الجوي للكيان الصهيوني، وتوالي الاجتماعات السرية مع زعامات الصهيونية برعاية تركية، هو نتيجة منطقية للعقلية التي ظل تنظيم الحركة الإسلامية يقود بها البلاد منذ الثلاثين من يونيو 1989.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.