فشل مشروع الحركة الإسلامية سوء الظن والخلق كان كافياً!

فشل مشروع الحركة الإسلامية..

سؤ الظن والخلق كان كافياً!!

د.حاتم بابكر

عندما جاءت عصابة 30 يونيو 89 على ظهر دبابة (الإنقاذ) ومنفستو الحركة الإسلامية بزعامة الشيخ الترابي، الذي ذهب للسجن حبيساً، وأرسل (بيدقه) للقصر رئيساً، في مسرحية حاول إخراجها بدهاء لتنطلي الكذبة على المواطن السوداني، وعله (جاهد) نفسه ألا يكذب، ولربما أصبح الكذب حلالاً كضرورة مرحلية! حينها، كان للجنيه السوداني بقية من (روح)!! فقد كانت قيمة الجنيه، العملة المحلية، تساوي 12 مقابل الدولار.
السيناريو أعلاه، يحفظه كل سوداني صغيراً وكبيراً، رجالاً ونساء وأطفال، كما يحفظ كل منهم (نشيد العلم)، وهو ما لا تذكره أو تتذكره الحركة الإسلامية، وربما تتناساه أو تتعامى عنه، ولكنه يحمل حقيقتين لا تخفيان على أحد:
الأولى تركيبة الحركة الإسلامية الأخلاقية،وأنها هي من بدأت الكذب والخديعة على المواطن السوداني، منذ أول وهلة للانقلاب العسكري، الذي تم كشفه للسيد الصادق من قبل الكثيرين وعلى رأسهم البعثيون، والحقيقة تقول أنهم قادرون على الكذب، السرقة، القتل والتنكيل في سبيل التنظيم، ومن شابه شيخه فما ظلم.
والثانية هي أن الحركة الإسلامية، ببلوغ الدولار حاجز ال 50 ألف جنيه تكون قد فشلت 4,000 مرة في الحفاظ، فقط، على اقتصاد البلاد، وعلى الحال قبل انطلاق انقاذهم المزعوم، ولا نتحدث هنا عن انتعاش اقتصادي و زيادة الإنتاج والصادر وبالتالي الناتج القومي والاحتياطي من النقد الأجنبي (الدولار)، وإنقاذ البلاد من
التدهور… إلخ، أو كما عبر بيانها الأول، الذي تلاه (بيدق) الشيخ، آنذاك.
الحركة الإسلامية، التي لم تحفظ ماء وجه البلاد ولا سيادتها ولا حتى حدودها الجغرافية وخارطتها التي توارثها جيل الاستقلال في 56، ظنت أنها بمشروعها الفاشل الذي حمل شعارات، فضفاضة، وفارغة وبلا محتوى، ظلت ترددها بالألسن، وتدعو المواطن على الصبر والتحمل، كفضيلة دينية، وربط البطون والتقشف، سرعان ما تنازلت عنها عند أول منعطف وتحدي ، وذهب صبر المواطن والوطن أدراج الرياح بل وزادت من معاناة المواطن بمزاعم الجهاد والاستشهاد، والتي تنازلت عنها، بدورها، بل أرسلت أبناءها للدراسة بأوروبا الشرقية في الوقت الذي أرسلت فلذات كبد المواطنين للحرب (طلاب عزة السودان الأولى).
الحركة الإسلامية، ظنت أن مشكلة البلاد، تتمثل في عدم وصولها للحكم، على الرغم من محاولات الشيخ الفاني، منذ الستينات، وهو من فعل من أجل ذلك ما لم يفعله النجار في الخشب، بل ظنت وأنها وبمجرد وصول قياداتها، عبر أي وسيلة كانت، ستبرع في تحقيق ما فشلت عنه القوى الأخرى، من تحقيق الاستقرار والحياة الكريمة للمواطن بعيد الاستقلال، وفي ذلك تتضح النظرة الاستعلائية للحركة، كيف لا؟ وهي من تعتقد أن كوادرها هم الفئة المختارة، والفرقة الناجية، وصحابة القرن ال 21، لذا سارعت بتمكينهم وتمكنهم من مفاصل الدولة، فأصبح (التمرجي) مديراً لمكتب وزير أو رئيس ، والكاتب أستاذاً جامعياً، والزراعي مديراً للأوقاف، والطبيب منهم وزيراً للدفاع، ومن يسجد لنجاة رئيسه من براثن محكمة الجنائيات الدولية، عضواً في هيئة تدريس جامعية، ومن درس في كليات التربية يعمل في وزارة النفط، وكل شاطح أصبح ناطحاً.
وبإفراغ المؤسسات العامة، ودولاب الدولة من خصومهم، من ذوي الاختصاص والكفاءة، بالفصل العام والتعسفي، والتشريد والاعتقال والتنكيل، والتهديد وحتى القتل، كان من البديهي أن تفقد البلاد كافة المشروعات القائمة، كالجزيرة وامتداداته، والسكة حديد، والنقلين البحري والنهري، والناقل الوطني (سودانير)، وتدهور التعليم والصحة.. إلخ، وكل ما كان أخضراً أضحى يابساً.
ظنت الحركة الإسلامية، وبتشريع من وزير ماليتها، وتحت نظر المجلس الوطني، بقيادة الشيخ الفاني، ان الخصخصة هي المخرج من المأزق الذي أدخلته لاقتصاد البلاد، وان تحرير السوق، والأسعار والاستثمار، وبمزيد من التمكين، لكوادرها، حاملة لواء الإسلام! وهذه المرة انتقل التمكين لمستوى جديد، حيث التمكن من الشركات والمؤسسات العامة، وخصخصتها لحساب (الجماعة) وبنوكها القديمة والمنشئة حديثاً بواسطة رئاسة الجمهورية، ظنت، وإن بعض الظن إثم، أنها ستقود البلاد إلى بر الأمان ولكن هيهات.
بإعترافات شيخها، وغيرهم من أعضاء الحركة، عند المفاصلة، وقبل الممات، بشهادته على العصر، فشلت الحركة الإسلامية، مرة أخرى، في مشروعها الاقتصادي. كما فشلت من قبل في الأخلاق. كما ظنت أن أيادي كوادرها لن تأكل أموال الناس بالباطل، فها هم يضعون أيديهم على الأراضي، ويزورون المستندات، ويجنبون الأموال، ويتزوجون الحرائر من النساء، في الوقت الذي لا يجد المواطن أبسط الخدمات الأساسية، وظلوا يستثمرون في قمحه، تعليمه، صحته ويبيعون أراضيه، ويرهنونها، وينهبون كل ما تقع أعينهم وأيديهم عليه، ميداناً أو ساحة في وسط الأحياء، أو أراض توارثها المواطن أباً عن جد في الجريف والشمالية وغيرها، كنزاً للأموال في الحسابات الخارجية، والاستثمارات والعقارات عبر البحار، ولم يسلم حتى دولار الدواء من التجنيب.
ومواصلة للظن، من دون معايير علمية، ودراسات استراتيجية، واصلت الحركة الإسلامية مسلسل الفشل، لتقترض يمناً ويسرة، وبعقود ربوية، حللها علماء السلطان وزاد أوارها نسبة الوزير أو المدير في الصفقة، ما جعل ديون السودان الخارجية تتجاوز حاجز 54 مليار دولار، 85% منها متأخرات، وبزيادة أكبر من 200% من العام 89. ولا ندري نسب الفوائد العالية التي وضعها المانحين وقيم الشروط الجزائية للسداد، وغيرها من التنازلات، باسم البلاد والعباد، والتي قدمتها الحركة الإسلامية عندما وقعت على تلك القروض بغرض تحقيق مشاريع لم ولن ترى النور في ظل حكم الإنقاذ، وبعض المشاريع تم الإقتراض لتنفيذها أكثر من 3 مرات، وبعضها لم يعلم بها الوزير المعني!
تتخذ الحركة الإسلامية وتختلق التبريرات لوصف حالات الفشل والأزمة التي أدخلت فيها البلاد، تارة الحصار الإقتصادي، واستهداف الإسلام، الممثل في شخصها! والاستهداف من قبل قوى الشر، والمعارضة وغيرها من المبررات الواهية، وبذا يتواصل مسلسل الكذب واللعب على الذقون.
وقد تتملص الحركة الإسلامية من الإنقاذ، وتحاول أن تغير من جلدها، وتدعي بأن المؤتمر الوطني الآن لا يمثلها، ولكن نقول بأن الجبهة الإسلامية بكل مسمياتها، هي من أدخل البلاد هذا النفق المظلم.
إذن المخرج الوحيد هو باسقاطها وتفكيك مرتكزاتها، وعصاباتها وشركاتها ومؤسساتها وأجهزتها الأمنية ومليشياتها المختلفة والمحاسبة، لتكون عبرة في المستقبل لكل جماعة تحاول أن تغامر وتقامر برهن البلاد للوهم والخرافة، وحكم التنظيم الواحد الظالم، الفاسد والمستبد.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.