سلام يامحن
بقلم: خالد ضياء الدين
==========
كتب الأستاذ حيدر أحمد خير الله فى عموده سلام يا… فى جريدة الجريدة يوم السبت 16 ديسمبر 2017 كتب عن فلسطين والإنتماء للأمة العربية بشطط وبغض غريب كان لابد من الرد عليه.
حيث أورد فى عنوان مقاله:
شكراً أبو مازن .. لكم قدسكم ولنا قدسنا!!
مفتتحاً إياه بقوله: لم نعرف شعباً عربياً كان أو إسلاميا تفاعل مع القضية الفلسطينية كالشعب السودانى، وإنه عندما كبرنا وعايشنا أصحاب القصية من الإخوة الفلسطينيين … أيقنا تماماً أن العدل الإلهي يتجلى بشكل كبير فى هذه البقعة من الأرض التى يتصارع عليها الفلسطينيين واليهود.
أولاً سلام يا … حيدر وشكراً على إعترافك بأن شعبنا فى السودان أكثر شعب تفاعل مع القضية الفلسطينة، وأفيدك بأنه تفاعل معها لأنه شعب الفطرة السليمة.. وإنك بموقفك وقولك لكم قدسكم ولنا قدسنا، ستجد نفسك تغرد خارج سرب الشعب الذى وصفته أنت بأنه الأول على مستوى العرب والمسلمين تفاعلاً مع القضية الفلسطينية التى من أهم عناوينها (القدس لنا) ولك أنت ما تشتهي.
أما قولك ووصفك أرض فلسطين بالبقعة التى يتصارع عليها الفلسطينيين واليهود فهو إختزال مخل وتسطيح للصراع المصيري بين أصحاب الأرض (الفلسطينيين) ضد (الصهاينة) المحتلين العنصريين، فكيف يتساوى عندك القاتل والضحية، وكيف لا تعدل بين المناضل المجاهد، والمستعمر المغتصب..؟ مالكم لا تعدلون؟!!
وأما قولك بأن العرب لم يدخلوا التاريخ إلا لأنهم مسلمين .. فاقول لك وقولك مردود إذ أن ما تتبناه هو منطق الشعوبيين، فالعرب قبل الإسلام كانوا موجودين، ولهم إسهاماتهم الإنسانية، وقيمهم التى تميزهم فى الشعر والبلاغة، فقد كانت العرب فى قمة الرقي حتي أن القران جاء بلغتهم وتحداهم أن يأتوا بمثله .. وأنت لا تتحدى الضعيف الهالك، إنما القوي المسيطر .. قبل الإسلام كان الشعر والشعراء وكانت المعلقات.
تألق أمرؤ القيس، وعنترة بن شداد، والنابغة الذبياني … إلخ لتكون تلك الحقبة مرجعاً لغويا مهما عند الباحثين والمنقبين وهو ما تفخر أن تقدمه الأمة عندما تتبارى مع الأمم الأخرى.
أيضاً كانت لهم مكارم أخلاق أكدها رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: (ما جئت إلا لأتمم مكارم الأخلاق) ما يعني أنه كانت للعرب قبل الإسلام مكارم أخلاق تمثلت فى وصف سويد بن الحارث الأرزي، عندما وفد مع قومه ليعلنوا إسلامهم، عندها سأله الرسول صلى الله عليه وسلم عن خلق قومه فى الجاهلية فقال: أما الخمس التي تخلقنا بها فى الجاهلية فهى الشكر عند الرخاء، والصبر عند البلاء، والصبر فى موطن اللقاء، والرضا بمر القضاء، والصبر على شماتة الأعداء.. فرد عليه أفضل الخلق: (حكماء علماء كادوا من صدقهم أن يكونوا أنبياء).
وأما الطب فكانت العرب تتداوى وتداوي، واشتهرت بعلاج أمراض البطن، والاكتحال من الرمد، والحجامة، ووقف النزيف، وحتى العلاج الروحي كان مشهوراً من رقية وخلافه، ومن أشهر الأطباء حينها الحارث بن كلده.
أما الذى لا تتشرف بالإنتماء إليهم يا من إسمه يطابق أسماءهم فالشرف عندهم مقدس وليس أدل من ذلك حديث أم المؤمنين عائشة عندما جاءت هند بنت عتبة بن ربيعة للرسول تبايعه، فقال أبايعك على ألا تشركي بالله شيئا، ولا تسرقي، ولا تزني فقالت: أوتزني الحرة؟!.
وأما قمة أخلاقهم فتتجلى عندما قررت قريش إغتيال النبي صلى الله عليه وسلم فتجمع بعض فرسانها وأحاطوا بمنزله، عندها قال أحدهم نتسلق السور عليه لنقتله، فقال أبو لهب (فرعون الأمة) ويحك.. أتريد أن تقول العرب إننا روعنا بنات محمد..؟
كانت العرب قبل الإسلام يا عزيزي تطعم الطعام، وأظنك تعرف حاتم الطائي وكثر غيره.
(أوقد فإن الليل ليل قر… والريح يا واقد ريح صر.
عسى يرى نارك من يمر… إذا جاءنا ضيف فأنت حر)
كانوا يا هداك الله يشترون الأسير ويطلقون سراحه، يجيرون الضعيف، ويحملون الديات، ويضمنون القاتل بأنفسهم وأموالهم.
أما الكرم فكانوا أهله حتى إنهم اسموا العنب بالكرم لأنه يصنع منه الخمر، واسموها أم الكرم، لأنهم كانوا ينفقون أكثر وهم سكارى.. أما أرباح الميسر فغالبا ما يخصصون ربحها للفقراء والمساكين، لذلك يفسر بعض العلماء بأنها المنافع التي ذكرت في القرآن (واثمها أكبر من نفعها) صدق الله العظيم.
كانت العرب قبل الإسلام تعظم المعروف وتنتهى عن المنكر، وكان من أشهر القائمين بذلك في الجاهلية حكيم بن حارثة فى مكة، فقد كان يردع السفهاء ويحاكمهم وقد يطردهم خارج الديار (ينفيهم) وكانت له هذه السلطة وقد قال أحد السفهاء:
(أطوف في الأباطح كل يوم… مخافة أن يشردني حكيم)
وأما الحكمة يا صاحب ال يا…..
فأقول لك إن العرب هم بوابتها ومستقرها ومنتهاها، وأما فضلهم فى الإسلام فلا ينكره إلا شعوبي يبغض العرب.. وأقول لك أيها القائل بوجوب تبرئتنا من الإنتماء لهذا العنصر العربي اللعين والممقوت!!
ممقوت من من وقد أنزل الله القرآن على لسانهم (إنا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون).. فهل يمقت عاقل ويتنكر لمن أصطفاهم رب العباد بالرسالة وبلغتها (قرآنا عربيا ليس ذي عوج لعلهم يتقون) صدق الله العظيم.
فلتعقل يا عزيزي ولتتق الله فى أمة تشرفت بالقرآن وبرسوله (لقد جاءكم رسول من أنفسكم)، فكيف يا صاحب ال يا…. تصف الإنتماء للعروبة باللعين، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم (إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشاً من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم).. فلماذا هذا البغض للعرب وقد وردت أحاديث كثيرة عن فضل العرب، فقد أخرج الترمذي والحاكم وغيرهما عن سلمان قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا سلمان لا تبغضني فتفارق دينك.. قلت يا رسول الله كيف أبغضك وبك هدانا الله فقال: تبغض العرب فتبغضني.
قلت يا صاحب ال يا… إن العرب خرجوا من التأريخ لأنهم تركوا الإسلام وعادوا إلى تلكم العنصرية البغيضة المسماة بالعروبة التى قال الكاتب وقانا الله من شر الإنتساب اليها!!
أقول لك إن العرب هم حملة رسالة الإسلام وهم من نشروه ممزوجا بلغتهم وثقافتهم حتى وصلك أنت فى السودان رطبا هينا، فقطفنا جميعا من ثماره وشربنا من زمزمه حتى ارتوينا. فكتبنا بلغتهم.. وتحدثنا، وتثاقفنا بالعربية لينبرى بعدها نفر مثلك يعقون أمهم ويكرهون الإنتساب اليها.!!
أقول لك من حقك أن ترفض الانتماء للعروبة، لكن قل لى بربك كيف يحتمل قلبك كل هذه الكراهية للعرب.. أهي العنصرية التي لم تستطع كبحها.
فكيف تصف العربية بالبغيضة وأنت تكتب وتقرأ وتصلي بلغتها.
وأما حديثك عن أبو مازن وقولك بأنه سحب من بلادنا صك العروبة، فهو قول باطل بني على باطل.. فأبو مازن لم يقل ما قولتموه له.
ثم من هو أبو مازن (مع تقديرنا للرجل) كي يعطي ويمنع صك العروبة.؟ وهل من أحد على وجه الأرض الآن يملك أن يحدد للآخر هويته؟
أنت فقط ومن شايعك من الشعوبيين تكرهون العرب، وقد حرفتم كلام أبو مازن مثلما حرف اليهود من قبل كلام الله ليشتروا به ثمنا قليلا.
فها أنتم تحرفون حديث أبو مازن لتحققون مكسبا سياسيا وإن تعارض مع دينكم وفطرة شعبكم.
عن إبن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحبوا العرب لثلاث، لأني عربي، والقرأن عربي، ولسان أهل الجنة عربي.
فهنيئا لك ومن معك ببغضكم للعرب، وهنيئا لنا فالرجل مع من يحب.
اا
Leave a Reply