رؤية الحد الأدنى للقوى السياسية والإجتماعية للفترة الراهنة من منظور  حزب البعث العربي الإشتراكي(كاملة)

رؤية الحد الأدنى للقوى السياسية والإجتماعية للفترة الراهنة من منظور

 حزب البعث العربي الإشتراكي

مقدمة

لقد أحدث انقلاب قوى الردة والفلول الغادر، بقيادة عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر 2021م، فرزًا واضحا للقوى، لا يعرف تداخل الخنادق أو الخطوط الرمادية. وترتب عليه اصطفاف واضح المعالم بين جماهير شعبنا المناضلة الصامدة من أجل وطن تتحقق فيه كرامتها الإنسانية وتطلعاتها  الوطنية بقيادة قواها الوطنية المخلصة من جهة، ضد قوى الردة والظلام من انقلابيين، وفلول، وعملاء، وانتهازيين، وطفيليين من جهةٍ أخرى.

هذا الواقع يفرض على كل القوى الوطنية السياسية والاجتماعية الحية وضمنها حزب البعث العربي الاشتراكى، أن تضطلع بدورها وجهدها الفكري والسياسي، وترتقي بفعلها النضالي، من أجل ترصين وتمتين خندق الجماهير وقواها الحية وتوسيع جبهتها المقاومة، تأسيسًا على رصيد شعبنا من انتفاضة ديسمبر 2018 المجيدة، بآفاقها الثورية التحررية وثوابتها ودروسها الملهمة.

ويطرح حزب البعث هذه الرؤية السياسية للفترة الراهنة التي يأمل ان تعبر عن الحد الأدنى لرؤية القوى السياسية والاجتماعية في مواجهة الانقلاب يكون التركيز فيها ، بعد إسقاطه على إجراء الانتخابات بإعتبارها المدخل الجماهيري لبناء نظام ديمقراطي تعددي يكون الهم الاول الذي يجمعنا جميعا ، هو الحرص على إستدامة النظام الديمقراطي من خلال ربط الديمقراطية بمفهومها الاقتصادي والاجتماعي ، بالانجاز المعبر عن مطالب الشعب وتطلعاته في حياة حرة كريمة بحل المعاناة المعيشية والخدمية .

 إن ضمانة تجسيد مبادئ وأهداف الثورة السودانية على أرض الواقع إنما تنطلق من بناء أوسع جبهة شعبية للديمقراطية والتغيير، قائدة للحراك الديموقراطي السلمي، وصولًا للاضراب السياسي العام، والعصيان المدني.

في ضوء ذلك نواجه مهامنا وسط وفي طليعة نضال جماهير شعبنا، باعتبارها الهدف والأداة، وصاحبة المصلحة في التغيير بما يرصن ويعزز وعي الجماهير بضرورات المرحلة النضالية، وذلك بالعمل وفق الموجهات التالية:

  • فضح وتعرية كل ما من شأنه تفتيت وحدة قوى الثورة السياسية والاجتماعية، من أية جهة، أو مكون، أو حزب جاءت، وبأي صيغة طرحت. علينا ألا نتردد في توجيه انتقاداتنا لمثل هذه الدعاوى التفتيتية، والإشارة إلى مطلقيها ومنفذيها بالاسم، ودون اعتبار لما يشاع عن ضرورات تجاوز الاختلافات من أجل توحيد قوى الثورة، فالأطروحات التي تقود إلى تفتيت وحدة قوى الثورة ليست مجرد خلافات، بل هي عمل مخطط لتفتيت وحدة قوى الثورة في مواجهة قوى الثورة المضادة..

يدخل في هذا المجال محاولات خلق عداء مفتعل بين قوى الحرية والتغيير، ولجان المقاومة.. ويدخل ضمن ذلك اشاعات تخوين قوى الحرية والتغيير، بالترويج لوقائع لا صحة لها، بل أن بعض من يطلقونها، كانوا هم أبطال هذه الوقائع.. ويدخل ضمن ذلك محاولات شق الأجسام الديموقراطية والنقابية، وتعطيل قيام نقابات ممثلة لجماهير العمال والموظفين والمهنيين والمزارعين..

  • التفاعل الإيجابي مع عضوية وقيادات لجان المقاومة والأجسام الثورية الأخرى، وفضح محاولة استخدامها كروافع سياسية لأحزاب بعينها، واحترام استقلاليتها وإرساء القيم الديموقراطية، داخلها والحرص على التوافق الوطنى سياسيا واجتماعيا، وفقا لمتطلبات المرحلة

 

خلفية تاريخية للأوضاع الراهنة:

انقلاب 25 أكتوبر – 21 نوفمبر 2021، ليس مجرد حدث عارض أو تحول مفاجئ في مسيرة شعبنا، وإنما هو نتاج مباشر لسلسلة طويلة من التراكمات السياسية والاجتماعية والتدخلات الإقليمية والدولية، بتقاطعاتها وتوافقاتها المختلفة.. يمكن الحديث عن عدد من العناصر والتوجهات الفاعلة في حركة المجتمع السوداني، والتي أدت تفاعلات حركتها (تقاطعا وتوافقا)، إلى إطلاق سلسلة من الأفعال وردود الأفعال، قاد إلى الصورة الراهنة لوقعنا السياسي والاجتماعي. هذه العناصر والتوجهات يمكن إجمالها فيما يلي:

  • الآثار المترتبة على أنظمة دكتاتورية استطالت لفترة تجاوزت ال 52 عام من سنوات الاستقلال، كانت الأخيرة منها بغطاء ديني حاول إعادة صياغة المجتمع السوداني، وفق توجهاته الطفيلية الظلامية، الامر الذي قاد إلى اضعاف تأثير عناصر التنوير المعرفي والتحديث الاجتماعي، وغياب أو تغييب دور النخب المثقفة والقوى الحية المنتجة في البلاد..
  • انزواء روحية التعامل مع الشأن السياسي والاجتماعي، بعقلية المواطنة لتحل مكانها عقلية الولاء الإثني، أو القبلي، أو المناطقي، أو الانتهازى بديلاً لها.. والنتيجة المباشرة لذلك هو تراجع أشكال الانتماءات المتقدمة (الأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني)، لتحل محلها أشكال متخلفة (الانتماء للمنطقة أو القبيلة أو الإثنية)
  • توقف حركة العصف الذهني، والحوار الفكري حول الأفكار السياسية والاجتماعية، التي سادت خمسينيات وستينيات القرن الماضي، لتحل محلها البدائل الظلامية التي سادت بعد توقف الاجتهاد فى مرحلة الانحطاط والهيمنة، والتي تحنط عقلية المواطن في منظومة جامدة وساكنة، لا تقبل الخروج من ضيق التفكير الغيبي، إلى وسع رحاب الجدل الفكري والسياسي والاجتماعي والتعددية.

سيادة نمط التغيير السياسي المقترن بالتاثيرات القبلية والنزاعات المسلحة، علي نطاق واسع في قارة أفريقيا على حساب البعد الوطني.

  • تراجع المد الوطني والقومي على المستوى العربى والأفريقي، نتيجة حرب أكتوبر 1973، وغزو واحتلال العراق، وما تبعها من دعوات استسلامية، ليصبح محيطنا العربي والأفريقي، مجالا مفتوحا لتطبيق مخططات القوى الإمبريالية الصهيونية، والتوسعية الفارسية، والعثمانية الرامية إلى تفتيت الوطن العربي، وإعادة رسم الخرائط، وصياغة وتركيب كل هذه المنطقة حسب مقتضيات مصالحها، وتوازنات القوى فيما بينها.. ووصل هذا التراجع قمته بالغزو الثلاثيني للعراق، وما تبعه من ظواهر التطرف الإسلاموي، بشقيه السني والشيعي، وتوطين وتجذير الانتماءات الطائفية والعرقية والجهوية العابرة للانتماء القومي والوطني.. تجسد ذلك فيما تعرض له العراق، وتمر به كلا من سوريا واليمن وليبيا.

هذه العناصر والتوجهات ألقت بظلالها على حركة المجتمع السوداني، وكانت نتيجتها المباشرة على الحراك السياسي، بروز اتجاهات فاعله فى مجتمعنا وحركتنا السياسية تبلورت في:

1 – بروز الحركات السياسية التي تستخدم الإسلام كأيدولوجية، وتستند فكريا إلى الماضي، متجاهلة أسباب التخلف في مجتمعاتنا، وتحالف هذه الحركات مع الأنظمة الدكتاتورية، وفئات الرأسمالية الطفيلية، وتبعيتها لقوى إقليمية ودولية.

2 – تراجع المد القومي الثوري، نتيجة لاشتداد الهجمة الامبريالية الصهيونية، وتحالفها مع الأنظمة الرجعية العربية، وآثار هزيمة يونيو1967.

3 -ضمور وتراجع اليسار الماركسي جماهيريا، وبروز تيار قوي في داخله يدعو لمراجعة فكرية وتنظيمية، خاصة بعد سقوط المعسكر الشيوعي، بفعل القوى المعارضة له من داخله، الأمر الذي أدى (مقروءا مع تراجع المد القومي الثوري) إلى حدوث حالة فراغ فكري، نتج عنها تسرب وغلبة الأفكار اللبرالية وإعادة النظر في الموقف من الامبريالية العالمية، والتجربة اللبرالية في أوروبا الغربية.

4 – تراجع الوعي المطلبي المرتبط بالتنظيم النقابي (لا سيما مع اجازة قانون نقابة المنشأة)، والمنظمات الديموقراطية، ومنظمات المجتمع المدني، نتيجة لسيطرة

الأنظمة الدكتاتورية من جهة، ولغياب أو تغييب الوعي بهذا الجانب.. واتساع هجرة الكوادر المهنية.. وتمدد نشاط القطاع الخاص على حساب القطاع العام والتعاوني، على الصعيدين الإنتاجي والخدمي.

4 – بروز ظاهرة العمل المسلح وسيلة لتحقيق أهداف سياسية أو اجتماعية، ونتج عن هذه الظاهرة تراجع الانتماء الوطني إلى الانتماءات الإثنية أو القبلية أو الجهوية، وتدهور الخدمات والبني التحتية، وما اقترن بها من هجرة ونزوح.

5 – تعاظم دور مؤسسات التبشير بالنظام العالمي الجديد، الذى تسيطر فيه النيولبرالية اقتصاديا، وفكريا وأخلاقيا. اتخذ التبشير أدوات متعددة (أجهزة مخابرات، تمويل واجهات ومنظمات، أجهزة إعلام… الخ) مع تآكل مفاهيم السيادة والاستقلال الوطني.

هذه العوامل ونتائجها المباشرة، وغير المباشرة هي الإطار الاجتماعي والسياسي الذي يمكن من خلاله تقييم انقلاب 25 أكتوبر – 21 نوفمبر 2021م.

عند سقوط النظام الإسلاموي، فى 11 ابريل 2019، واجهت قوانا السياسية والجماهيرية، واقعا معقدا تشكل خلال الحقب الماضية، بفعل العوامل والتوجهات المذكورة أعلاه:

  • استطاع شعبنا خلع رأس الجبل الإسلاموي، بينما ظلت ركائزه في الخدمة المدنية والمؤسسات النظامية والإعلامية والعدلية، وبنيته الفكرية المتخلفة وجسده المتمثل في سيطرة الرأسمالية الطفيلية (إسلاموية وغير إسلاموية)، باقية ومتجذرة في واقعنا السياسي والاقتصادي والاجتماعي..
  • كانت أداة شعبنا في انتفاضته تعتمد بشكل أساسي على حركة سياسية عصفت بها عوادي الزمان وتغيراته، وظل أغلبها أسيرا لقوالب فكرية، وسياسية وتنظيمية قديمة، أو يسار شيوعي انتابته الشكوك في آيدلوجيته، نتيجة لسقوط الاتحاد السوفيتي، وأنظمة الحكم الشيوعية في أوروبا الشرقية. إضافة إلى بروز بعض

تيارات العمل المسلح التي استعارت في بداياتها أفكارا يسارية، أو إسلاموية أو لبرالية، لكنها لم تتعد حدود الاستعارة اللفظية.

  • اعتمد التغيير بشكل كامل في بداياته وقيادته الميدانية على أجيال تربى بعضها تحت نير النظام الدكتاتوري، الذي حرمها من حقها في الاطلاع على التجارب الفكرية والسياسية، ، لا ترى من هذا العالم إلا التجربة الدكتاتورية الماثلة أمامها، وبحكم أنها قد تلقت تعليما شائها حرمها من أبسط المعلومات عن تاريخ الحركة السياسية والاجتماعية في البلاد، فإن غالبية هذه العناصر الشبابية لم تكن قد عاشت أي تجربة ديموقراطية، فقد نشأت لدى بعض هذه القطاعات الشبابية، والمتوسط عمرية حالة من العزوف للتنظيم الحزبي والالتزام الفكري.
  • جاءت الانتفاضة الشعبية أيضا في ظل أوضاع اقتصادية كارثية، تسببت فيها اختيارات النظام الإسلاموي، والرأسمالية الطفيلية من جهة، وانقطاع أموال النفط بسبب فصل الجنوب من جهة أخرى.. هذه الأوضاع الاقتصادية القاسية انعكست على الوضع المعيشي للشعب السوداني في كل مناحيه: أكله، وشربه، الصحة، والتعليم، السكن، وفرص العمل… الخ ،فكان طبيعيا أن يكون الهم الأول للسودانيين هو تحسين الوضع المعيشي بأي أسلوب، أو وسيلة بصرف النظر عن الوعي بأسباب هذا التدهور الاقتصادي.. ذلك بدوره انعكس على اختيارات المواطن الثائر من بعض الفئات العمرية للبحث عن حلول سريعة ربما كان أسرعها هو العون الأجنبي والانفتاح الاقتصادي، ورؤية الغرب وأمريكا نموذجا ومثلا أعلى لما يريده المواطن.. مع تراجع الالتزام بالقيم الفاضلة كرد فعل على نموذج الفساد المغطى بالتدين..

كيف انعكست هذه العوامل المختلفة على مواقف القوى السياسية والقطاعات غير المنظمة حزبيا من الانتفاضة الشعبية فى ديسمبر 2018..

توحدت فئات شعبنا بمختلف توجهاتهم حول شعار (تسقط بس)، بينما بدت اختلافاتهم واضحة حول أدوات ووسائل هذا السقوط وحول بدائله المحتملة:

  • لم يتبين البعض ممن شاركوا بحماس في الانتفاضة الشعبية حقيقة أن اسقاط النظام لا يعنى بالضرورة حل الأزمة الوطنية الشاملة في مختلف تجلياتها اقتصاديا، واجتماعيا، ووطنيا، وإنما لابد من صياغة والاتفاق على برنامج بديل وطني تقدمي للقيام بتغيير حقيقي يقود إلى حل جذري للأزمة الوطنية الشاملة.. هذا البرنامج البديل يتضمن بالضرورة اسقاط النظام وتصفية كل نهجه الاقتصادي والاجتماعي، وكل ركائزه في جهاز الدولة، والقوانين والقوات النظامية.
  • على صعيد القوى السياسية تراوحت المواقف بسبب ضعفها الذاتي، وانقطاع صلتها بالجماهير بين التشكيك في جدوى الانتفاضة، وبين التشكيك في قدرات الجماهير على تقبل مقتضيات العمل النضالي.. فاتخذ بعضها موقف المتفرج في انتظار نتيجة الصراع بين الجماهير، والنظام الدكتاتوري، بينما وقف البعض بالضد من إعلان العصيان المدني والاضراب السياسي، بحجة أن الظرف الموضوعي لم ينضج بعد لمثل هذه الخطوة.
  • والبعض الأخر رأى فى الانتفاضة فرصة لابعاد الأحزاب السياسية مرة واحدة والى الأبد من المشهد السياسي في بلادنا، ونحت مشهد سيأسى جديد يقوده الشباب، مرة بدعوى فشل النخب السياسية منذ الاستقلال، وأخرى بدعاوى بناء سودان جديد، أو بالذريعتين معا.. ولا يمكن هنا استبعاد دور النخبة السياسية المتكونة حديثاً تحت نير الدكتاتورية، سواء خارج البلاد أو داخلها، وارتباط قيادات هذه النخب بالنموذج اللبرالي. في الوقت ذاته لا يمكن تجاهل فرضية الأجهزة الأمنية في اختراق بعض قوى الانتفاضة.
  • كما أن التدخلات الإقليمية والدولية كان لها أثر لا يستهان به في رسم لوحة الحراك السياسي خلال، وما بعد الانتفاضة، إما تحوطا للاحتفاظ برصيدها الذي بنته خلال سنوات النظام المخلوع، أو لأنها رأت في التغيير القادم لا محالة فرصا لتحقيق مزيد من المكاسب.. فأخذت هذه القوى في استقطاب ما تحسبه مراكز قوى محتمله خلال وبعد التغيير (الجيش والدعم السريع، والأجهزة الأمنية) كما بذلت

وبما يجعله حدا أموالا طائلة لاستقطاب البعض الآخر من خلال التمويل بدعوى مساعدة الثوار، أو من خلال مراكز ودورات وسمنارات تدريب مجموعات بعينها في نيروبي، والدول الغربية، والولايات المتحدة. جل هم هذه النشاطات تركز حول خلق حالة محمومة من العداء للأحزاب وزرع مفاهيم ميكيافيلية، وذرائعية في أذهان بعض الشباب، وربطهم بقيم النموذج الليبرالي.

في ظل هذا المشهد بكل تعقيداته، وأهمها تفسخ النظام وصراعات مراكز القوى، وتبادل الاتهامات بالفساد داخله بشكل سافر… أدركت بعض القوى في المكون العسكري، وأقسام من الرأسمالية الطفيلية التي نمت تحت نير النظام المخلوع، ضرورة قطع الطريق على تحول الانتفاضة الشعبية إلى ثورة تستهدف تنفيذ برنامج البديل الوطني التقدمي، لحل الأزمة الوطنية الشاملة، فنفذت انقلابها العسكري في 11 أبريل 2019، على لجنة الأمن القومي التي شكلها النظام، ووضعت يدها على مقاليد السلطة، معلنة عن تشكيل مجلس عسكري يقود البلاد لمدة عام تجرى في نهايته انتخابات تشريعية.. غير أن الإصرار الشعبي على الاستمرار فى الانتفاضة واعتصام الجماهير أمام القيادة العامة وميادين الاعتصام الأخرى، إضافة إلى التدخلات الإقليمية والدولية قادت إلى قبول المجلس العسكري التفاوض مع قوى الحرية والتغيير.

دخلت قوى إعلان الحرية والتغيير المفاوضات بهدف واضح يعبر عن أشواق جماهير الشعب في التحول المدني الديموقراطى، واستطاعت التوصل إلى اتفاق مع ممثل المجلس العسكري الفريق صلاح عبد الخالق ينص على حق قوى الحرية والتغيير في تكوين مجلس وزراء مدني، ومجلس تشريعي انتقالي تختار قوى الحرية والتغيير 67 % من أعضائه، ويتم التوافق بينها وبين المجلس العسكري على ال 33% الأخرى. غير أن المجلس العسكري تنصل عن هذا الاتفاق.

برغم فداحة مذبحة القيادة العامة، وما تبعها من استباحة للبلاد طولا وعرضا، وبرغم حالة الحزن وخيبة الأمل في من ادعوا انحيازهم للشعب، التي أصابت جماهير شعبنا، إلا أن شعبنا رد على هذا الانقلاب بشكل حاسم جامع مانع بالاضراب السياسي والعصيان المدني، ومواكب الثلاثين من يونيو 2019،

فخرجت الملايين إلى الشوارع معبرة عن غضبها، وكان خروجها عفويا إلى حد بعيد، الأمر الذي يمكن اعتباره استفتاءً شعبيا رافضا للحكم العسكري ومطالبا بالتحول المدني الديمقراطي.

لقد حقق التفاوض أقصى ما يمكن تحقيقه في ظل المشهد السياسي والاجتماعي والإقليمي والدولي آنذاك، وخرج بوثيقة دستورية حجمت إلى حد بعيد نزوع قادة المجلس العسكري للانفراد بالسلطة، وكان من الممكن الخروج بفترة انتقالية تلبي وتنفذ معظم اهداف الانتفاضة، لولا بروز عوامل معينه أدت إلى افراغ الفترة الانتقالية تدريجيا من مضامينها وعزلها عن أهدافها، ومن بينها:

الحملة الضارية التي قادها فلول النظام المخلوع ضد الفترة الانتقالية بتفعيلهم لعناصرهم داخل جهاز الدولة والقوات المسلحة والشرطة وقوى الأمن الذين لم يتم اتخاذ خطوات سريعة وعملية لتصفية نفوذهم ومراكزهم. استثمرت قوى الثورة وشيطنة قوى الحرية والتغيير، وخلق حالة من التسيب الأمني بالترافق مع الأزمات المالية والاقتصادية الموروثة.. ومما زاد الطين بلة وعقد الأوضاع السياسية في بلادنا تناغم بعض قوى الثورة مع هذه الحملة فى وقت لاحق، الأمر الذي أدى إلى تقوية قوى الردة وخدمة مخطط إعاقة الانتقال الديمقراطي كمقدمة للانقلاب عليه.

أضف إلى ذلك ميل المكون العسكري إلى منازعة السلطة التنفيذية في العديد من الملفات، وبخاصة ذات الطابع الأمني والدبلوماسي والاقتصادي والسلام.

كما شهدت حكومة دكتور حمدوك الأولى، أول تجاوز على الوثيقة الدستورية بلقاء عنتبي بين البرهان ونتنياهو، وهو بكل المقاييس، فوق أنه عمل لا تسنده أية شرعية دستورية، فإنه يعد خيانة صريحة للشعب، وتعديا على الفترة الانتقالية والوثيقة الدستورية الحاكمة، فوق انه يمثل تجاوزا للثوابت الوطنية للشعب السوداني وموقفه الثابت من الكيان الصهيوني والذي تجاوبت معه القمة العربية المنعقدة في الخرطوم في اعقاب هزيمة يونيو 1967م التي اصدرت ما عرف بلاءات الخرطوم الثلاث (لا صلح ، لا تفاوض، لا استسلام) . كما تجاهل لقاء عنتبي دور الكيان الصهيوني في فصل جنوب السودان وتهديده لأمن البحر الاحمر والامن الوطني والعربي والافريقي . قاد حزبي البعث والامة والتيارات الفكرية الرئيسة في بلادنا حملة واسعة ضد الخضوع للكيان الصهيوني.

تحول رئيس الوزراء إلى مركز مستقل عن قوى الحرية والتغيير في اتخاذ القرارات المصيرية، حيث تميز أداء حكومة حمدوك الأولى بتجاهل برامج قوى الحرية والتغيير، وبشكل خاص البرنامج الاسعافي الاقتصادي، والسياسات البديلة، ومقررات وتوصيات المؤتمر الاقتصادي القومي الأول.. مما أدى إلى فشل الحكومة في تحقيق تقدم في تخفيف أعباء الضائقة المعيشية على المواطنين، كما تبنت الحكومة بشكل غير مسبوق لروشتة صندوق النقد والبنك الدولي، رغم اعتراضات حزب البعث وقوى الحرية والتغيير ولجنتها الاقتصادية والخبراء الاقتصاديين، على هذه السياسات، الأمر الذي زاد من معاناة الجماهير ودفع بها إلى تحميل قوى الحرية والتغيير فشل سياسات رئيس الوزراء ، وبطبيعة الحال فقد استغل المكون العسكري وفلول النظام المخلوع ذلك كله في محاولة عزل الحاضنة السياسية عن جماهيرها، وتنفيذ الصفحات اللاحقة من مخططات قادة المكون العسكري، وفلول النظام المخلوع والقوى المرتبطة بالقوى الامبريالية والصهيونية.

في ظل هذه الظروف، استمرت قوى الثورة المضادة في تنفيذ مخططاتها للانقلاب على الفترة الانتقالية، وتعطيل مسيرة الشعب على طريق التحول المدني الديمقراطي، وكما يلي:

  • وضع العقبات والعراقيل والتضييق على لجنة إزالة التمكين واسترداد الأموال المنهوبة، بل والتشكيك في شرعية وجودها وقانونية قراراتها والتشكيك في نزاهة أعضائها وتشويه سمعتهم، وقد جاءت قرارات سلطة الانقلاب لاحقا لتؤكد أن ذلك بدافع حماية الفساد ومصالح القوى الراسمالية التي تراكمت ثروتها بالفساد المحمي من سلطة الانقاذ وتسهيلاتها.
  • فقد عملوا على خلق السيولة الأمنية والتقاعس عن ضبط التفلتات، والتخلي عن واجبهم في حفظ الأمن في طول البلاد وعرضها، خاصة في مناطق التوترات القبلية والنزاعات المسلحة.
  • التراخي في مواجهة تهريب السلع الأساسية، والذهب وخلق الندرة في السلع الضرورية، مثل السكر والوقود وغاز الطبخ والدقيق والدواء، بهدف التضييق على المواطنين وزرع اليأس في نفوسهم.
  • تشجيع الاحتجاجات، خاصة في مناطق التأثير الاقتصادي، مثل حقول البترول والميناء الرئيس والطرق القومية والسكك الحديدية… الخ.
  • لم يكتف الانقلابيون بهذا، وإنما عمدوا كذلك من خلال تواجدهم في السلطة السيادية، إلى عرقلة تشكيل مؤسسات السلطة الانتقالية ذات الطبيعة السيادية مثل النيابة والقضاء والمحكمة الدستورية ولجنة إستئنافات قرارات لجنة ازالة التمكين، فضلا عن مفوضيات السلام والدستور والعدالة الانتقالية، والانتخابات، والمراجع العام، وعمليات الترتيبات الأمنية، وكل ما هو من المضادة عثرات السلطة المدنية الوليدة كحاضنة سياسية، لبث الاشاعات وشيطنة قوى الحرية والتغيير، وخلق حالة من التسيب الأمني بالترافق مع الأزمات المالية والاقتصادية الموروثة.. ومما زاد الطين بلة وعقد الأوضاع السياسية في بلادنا تناغم بعض قوى الثورة مع هذه الحملة فى وقت لاحق، الأمر الذي أدى إلى تقوية قوى الردة وخدمة مخطط إعاقة الانتقال الديمقراطي كمقدمة للانقلاب عليه.
  • السعي الجاد لشق صفوف قوى الثورة والوقيعة بينها واضعافها، خاصة لجان المقاومة والأحزاب الوطنية الملتزمة بخط الثورة وأهدافها، مطلوبات الفترة الانتقالية التي يراد لها أن تنتهي بإصلاحات جوهرية تضع البلاد على اعتاب تحول مدني ديموقراطى حقيقي.

 باستهداف رموزها وايقوناتها بالتشكيك والتخوين والتشويه.

  • لقد تصاعدت مخططات الانقلابيين في اتجاه الانقلاب العسكري على مسار التحول الديمقراطي بشكل سريع بعد توقيع الإعلان السياسي لقوى الحرية والتغيير فى 8 سبتمبر 2021 وتوسيع قوى الحرية والتغيير وإستعادة حزب الأمة القومي لنشاطه وانضمام أطراف من الجبهة الثورية لقوى الحرية والتغيير. واقتراب موعد تسلم المكون المدني لرئاسة المجلس السيادي.

واجه شعبنا مؤامرات الانقلابيين ضد لجنة إزالة التمكين التي تصاعد فعلها ونشاطها، بمواكب 30 سبتمبر و21 أكتوبر التي أوضحت بشكل صارم تمسك جماهير شعبنا بالتحول المدني الديموقراطى وبضرورة تصفية اثار وتمكين النظام المباد.

إن كل هذه العوامل بتقاطعاتها وتوافقاتها تثبت بشكل قاطع أن انقلاب 25 أكتوبر – 21 نوفمبر، ما كان له أن ينجح رغم الإعداد المبكر له ورغم حجم ونوعية القوى المستفيدة منه، لولا تفتيت معسكر قوى الثورة والذي لعبت فيه أطرافا عديده، باتت معروفة، محلية وخارجية، أدوارا مختلفة. ورغم كل ذلك فإن هذا الانقلاب يثبت أيضا حقيقة واضحة، وهي أن وجود قوى الحرية والتغيير داخل مؤسسات الحكم الانتقالي وفي قلب حركة الصراع السياسي والاجتماعي وخوضها لصراع مرير ضد قوى الردة والبدائل الزائفة قد اضطر هذه القوى مجتمعة على الاسفار عن وجهها الحقيقي والقيام بانقلاب صريح ومكتمل الأركان، ينسف الفترة الانتقالية بأكملها محاولا إعادة بنائها بما يخدم مخططاته وأطماع قوى إقليمية ودولية معروفة.

انقلاب 25 أكتوبر-21 نوفمبر:

  • كانت أولى قرارات الانقلاب اعتقال بعض قيادات قوى الحرية والتغيير، ولجنة إزالة التمكين، الأمر الذي يشي بوضوح لطبيعة توجهاتهم المعادية للتحول المدني الديمقراطي، وتماهيهم مع فلول النظام المباد.

لقد ثبت عمليا إن العدو الصهيوني كان على رأس القوى الاقليمية التي دعمت وخططت للانقلاب.

  • كان الإعلان السياسي الذي وقعه دكتور حمدوك مع قيادة الانقلاب العسكري في 21 نوفمبر 2021 محاولة فاشلة لشرعنة الانقلاب، إلا أن موقف شعبنا كان حاسما في رفضه لهذا الإعلان وفي عزل الداعين لقبوله بمليونيات 25 أكتوبر، وما تلاها.

ما العمل؟

الشعب أقوى والردة مستحيلة:

رغم انتكاس التحول المدني والانتقال الديموقراطى بانقلاب 25 أكتوبر – 21 نوفمبر، فإن إيجابيات كثيرة قد تحققت، أهمها

  • بروز وعي استراتيجي واضح بضرورة وحدة قوى الثورة حول برنامج حد أدنى لانهاء الانقلاب العسكري، وبناء نظام مدني ديموقراطى، وعليه وبالنتيجة فإن أي عمل يفتت أو يعطل وحدة قوى الثورة هو عمل يصب في صالح معسكر الفلول والرأسمالية الطفيلية وأعداء التحول المدني الديموقراطى.

مهام الفترة الانتقالية بعد إسقاط الانقلاب:

الهدف الأساس من الفترة الانتقالية بعد إسقاط الانقلاب هو تهيئة البلاد لانتخابات تشريعية تبني نظاما دستوريا على أسس النظام الدستوري البرلماني، ويتمتع بالشرعية الانتخابية لاستكمال ما لم يتم إنجازه من مهام الفترة الانتقالية.. يعمل حزب البعث لتحقيق أهداف الفترة الانتقالية مهتديا برؤيته السياسية وفي الوقت ذاته، وإيمانا بضرورات التوافق الوطني، فإنه على استعداد دائم وصادق للتفاعل وقبول ما يتم التوافق عليه بين مكونات الحركة السياسية والاجتماعية  والنقابية والمهنية وتنظيمات المجتمع المدني، في إطار الجبهة الشعبية الواسعة للديموقراطية والتغيير.

حزب البعث العربي الاشتراكي يناضل مع تحالف قوى الحرية والتغيير والقوى المناهضة للانقلاب، وجماهير الشعب السوداني من أجل اسقاط الانقلاب العسكري وتكوين حكومة انتقالية ولأقصر فترة انتقالية ممكنة لتنفيذ المهام التالية بالتوازى:

1- التاكيد على ضرورة وجود جيش وطني حديث وظيفته الأساسية حماية النظام الدستوري، وسيادة ووحدة الوطن وسلامة أراضيه.

2- استكمال مطلوبات الإصلاح المؤسسي في القضاء والنيابة العامة والمراجع العام.

3- استكمال مسيرة السلام وتحقيق مطلوباته وعلى رأسها تنفيذ الترتيبات الأمنية بما ينهي ظاهرة التشكيلات العسكرية خارج القوات المسلحة ويحول الفصائل المسلحة الى قوى سياسية للمشاركة في الانتخابات.

4- سيطرة الدولة على قطاع الثروت المعدنية وقيام بورصات الذهب والمعادن والمحاصيل والحبوب الزيتية.

5- ولاية وزارة المالية على المال العام وعلى موارد شركات ومؤسسات القوات النظامية وإخضاع إدارة الشركات ذات الطبيعة غير العسكرية للوزارة المختصة .

6- العمل على تنفيذ البرنامج الاسعافي والسياسات البديلة ومقررات المؤتمر الاقتصادي القومي، بهدف حل الضائقة المعيشية، وتحقيق الاستقرار الاقتصادى الاجتماعى، وتولي الدولة مسؤولية توفير ودعم السلع الأساسية، والتعليم والعلاج والخدمات الأخرى.

7- إعادة التفاوض مع مؤسسات التمويل الدولية وفق شروط جديدة تمنع إلغاء أعباء المعالجات الاقتصادية الهيكلية على جماهير الشعب والمنتجين الصغار، والتفاوض مع هذه المؤسسات من مواقع الاستقلالية وبثقة في الإرادة الوطنية وحشد الموارد الذاتية والحفاظ على موارد البلاد وثرواتها.

8- اعتماد نهج الاقتصاد المختلط متعدد القطاعات وتوازنها، إضافة إلى إعادة تأهيل القطاع التعاوني لتنمية الموارد في تلبية احتياجات الشعب .

9- الشمول المالي للسيطرة على الموارد وضبط الانفاق ومحاربة الفساد والمحسوبية والمحاباه بزيادة الصادارات والتوسع في الصناعات التحويلية، والتخطيط لمغادرة تصديرها كمواد خام بإدخالها في سلاسل القيمة المضافة وترشيد الواردات.

10- تنمية وتعدد المصادر الإيرادية وتوسيع الوعاء الضريبي، واصلاح القوانين واعتماد مبدأ الضريبة التصاعدية والضرائب النوعية، وخفض الانفاق الحكومي الاستهلاكي.

11- اصلاح الجهاز المصرفي وتعديل قوانينه ولوائحه بسيطرة الدولة على القطاع المالي، واعتماد النظام المزدوج .

12- تصفية مرتكزات نظام ال 30 من يونيو 1989 في كل القطاعات الاقتصادية والمالية والأمنية والعسكرية وتنقية المؤسسات القضائية والخدمة المدنية وجهازي الأمن والشرطة من العناصر المرتبطة بهذا النظام، وإعادة النظر في كافة القوانين التي صدرت في عهد هذا النظام، بما يخدم التحول الديمقراطي.

13- تحقيق مبدأ العدالة الانتقالية والعدالة الجنائية لمحاسبة كل من ارتكب جرما في حق الشعب ، ومؤسساته الدستورية منذ 30 يونيو 1989 وحتى سقوط انقلاب 25 اكتوبر.

14- قيام مفوضية قومية للانتخابات من عناصر نزيهة ومتوافق عليها للإشراف على الانتخابات.

15- التوافق على قانون للانتخابات التشريعية على أسس التمثيل النسبي والقوائم الانتخابية..

16- إعداد مسودة دستور دائم تعرض على البرلمان المنتخب لمناقشتها واجازتها وعرضها في استفتاء شعبي.

17- اقامة علاقات خارجية متوازنة تنطلق من استقلالية بلادنا ووحدتها وسيادتها واستقرارها وتلتزم بقيم الحرية والعدالة والسلام . وتتفاعل ايجابياً مع قضايا محيطها العربي والافريقي وتعزيز أواصر الوحدة العربية والافريقية  والتكامل الاقتصادي والاجتماعي وتناصر قوى التحرر الوطني والتقدم والتيار المناهض

للعولمة الراسمالية المتوحشة وتناهض الاحتلال والعدوان والتمييز العنصري .

هياكل السلطة الانتقالية :-

لتحقيق مهام الانتقال التي سبق الاشارة اليها فإن حزب البعث العربي الاشتراكي يرى ان النظام البرلماني هو الخيار الصحيح الذي يعبر عن واقع السودان وتجاربه الثرة في التحول الديمقراطي ، ويقترح تشكيل هياكل الحكم في الفترة الانتقالية من مجلس محدود لراس الدولة ، ومجلس للوزراء تئول له الصلاحيات التنفيذية كافة ضمن المسئولية التضامنية ، ومجلس تشريعي تتكون من 67% من ممثلي قوى الجبهة الشعبية الواسعة للديمقراطية والتغيير و 33% من القوى المناهضة للانقلاب خارج الجبهة مع التزام الحزب بما يتم التوافق عليه بين اطراف الجبهة الشعبية عند إستكمال بنائها .

ختاماً…

فإن حزب البعث العربي الاشتراكي يطرح هذه الرؤية للشرفاء من بنات وأبناء شعبنا في مختلف تنظيماتهم الديمقراطية والفئوية والسياسية والاجتماعية، كمشروع قابل للإثراء، بالأخذ والعطاء بالتفاعل الإيجابي لبناء أوسع جبهة للديمقراطية والتغيير، توحد قوى الثورة السياسية والاجتماعية لإسقاط انقلاب 25 أكتوبر، كمدخل للانتقال المدني الديمقراطي، الذي يتطلع إليه ملايين السودانيين وبذلت في سبيله، بمختلف مكوناته، على مدي السنوات العجاف من عمر الإنقاذ، وجغرافية السودان، وطيلة سنوات انتفاضة ديسمبر المتجددة، مهراً غاليا من دماء الشهداء والجرحى.. مع تقبلنا لما يتوافق عليه الجميع بعقل وقلب مفتوح، تعلو في سمائه الأجندة الوطنية وتطلعات قوى الديمقراطية والتغيير، على ما دونها من الأجندات والمصالح.

  1. )