دروب الحقيقة.. مكافحة الفساد ونقص امكانيات الضرائب

دروب الحقيقة

مكافحة الفساد ونقص امكانيات الضرائب

بقلم أ: أحمد مختار البيت
(1)
الفساد ظاهرة اجتماعية مصاحبة لكل المجموعات البشرية، تتأثر في نموها واضمحلالها، وانتشارها وانحسارها، بعوامل كثيرة ومتعددة، اهمها:
1_الفقر
2_البطالة
3_ضعف وغياب القانون
4_انعدام الرقابة والرادع والمؤسسية
5_ ضعف الوازع الديني والاخلاقي
6_ الجهل المركب والنشط.
7_ نزعة التسلط والاجرام وسوء الطوية.
8_ الانانية وحب الذات
9_ فقدان الإحساس بالمسؤولية وبمعاناة الآخر وبالوطن
10_ النفس الامارة بالسوء.
11_الانظمة الشمولية التي تجعل من الوظيفة العامة مغنما ومكافأة.
تلك بعض العوامل الدافعة للفساد في المجتمع والدولة “أي دولة وأي مجتمع”، ولأن من أمن العقاب اساء، ويسيء الادب، تنهض ضرورة حياتية، واخلاقية وانسانية، ودينية، لمكافحة الفساد، والقضاء على شأفته، في كل مؤسسات الدولة، والمجتمع، اذا اردنا بناء دولة متحضرة، متمدنة راقية، تنسجم مع العصر ومنجزاته، ويتمتع شعبها بكل خيرات وطنه المهولة، التي لم يستفد منها في كل تاريخها الطويل( 65 ) منذ الاستقلال، وقبل الاستقلال، سوى شريحة محدودة، كالطفيليات تمركزت حول ذاتها، والسلطة ووظفت كل موارد السودان لمصالحها الخاصة، وللمقربين منها، واليوم ليس هناك عاقل يرفض انشاء مفوضيات وطنية لمكافحة الفساد في السودان، وليس مفوضية واحدة، إلا اللصوص والمخربين والمجرمين.
اما لجنة ازالة التمكين ومحاربة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة لو عملت لثلاثين عاما أخرى، وعلى مدار اليوم، لما استطاعت أن تسترد الأموال التي نهبتها عصابة الانقاذ وقططها السمان، ومؤسسات وهيئات وشركات القطاع العام، التي حولتها لملك مشاع لكوادرها، ورموزها ونسائهم. والحق إن واقع الحال في السودان، يحتم أن تتحول كل لجان المقاومة في السودان ولجان الخدمات والتغيير وكل الغيورين من ابناء الوطن، في الداخل والخارج إلى اعضاء في لجنة ازالة التمكين ومحاربة الفساد، و مفوضية مكافحة الفساد “قيد الانشاء والتأسيس”، بتشريع قانوني محكم، ليس لمكافحة الفساد فحسب، بل لمنع حدوثه ابتداءً من خلال أذرع شعبية رقابية صارمة ومسؤولة، توقف التهريب، والتخريب
والتجنيب، والتحايل، والرشوة، والمحاباة، والتسلق، والعطالة المقنعة،
والكسل الوظيفي، والنفاق الاجتماعي، والتسكع في مكاتب الدولة، وإلزام الجميع بأعمال منتجة تساهم في دعم الاقتصاد، وتغيير الواقع المعيشي للناس.
(2)
صحيح قد يقول قائل: إن هناك قضايا تحتاج لتدخل الدولة، وتوفير مدخلات الانتاج وفرص العمل، ولكن ليس كل الاعمال بالضرورة هى وظائف في مؤسسات الدولة، ولا يمكن ان يستوعب سوق العمل كل الخريجين من ( 75) جامعة، جلها تخصصات نظرية، وظائفها غير مطلوبة الآن في سوق العمل الداخلي، بينما المطلوبة لا تريد الحكومة لاسباب مجهولة بالنسبة لي، أن تفتح سجل التوظيف فيه، فمثلا ديوان الضرائب، وهو أهم ماعون ايرادي في أي دولة يحتاج لتوظيف حوالي ( 5 ) ألف مفتش لتغطية العاصمة الخرطوم وحدها، واليوم هناك الآلاف من المصانع والشركات والاعمال التجارية والصناعية، سقطت ضرائبها بالتقادم وفق القانون (خمس سنوات) وآلاف أخرى تهربت، وما زالت متهربة بسبب عجز الحكومة في تفعيل ديوان الضرائب وبتوفير الكوادر المدربة والآليات والمعدات والأجهزة، التي تمكنه من تحصيل الضرائب والعوائد بنسب معقولة من كل تلك الجهات، وهى مبالغ كبيرة جدا، يمكن أن تدعم ميزانية الحكومة، وتغير الحال في السودان، وتعالج كل الأزمات التي تأخذ بخناق الوطن. هل الأمر نقص في الإرادة وعدم قدرة على المبادرة وإتخاذ القرارات الرشيدة؟ أم تواطؤ من لصوص الرأسمالية الطفيلية، مع مراكز القوى في الدولة العميقة؟ إذ كيف تدار كل أم درمان الكبري بمكاتب ضرائب محدودة تفتقر لأجهزة الحاسوب وآليات الحركة، ونحن نتحدث عن ضعف الايرادات؟ ومناوي يعلن أنه سيطلب العون والمساعدة من أي جهة !! لاحظ كلمة أي جهة.
السودان يا سادتي ليس فقيرا في الموارد والامكانيات، ولا محتاجا للإعانات والمساعدات الدولية، ولكنه يحتاج إلى الإرادة الوطنية الصادقة والسلطة الرشيدة المدركة لمكامن الخلل والضعف والقصور، والقادرة على اتخاذ القرارات التاريخية في اوقاتها المناسبة، قبل أن يتسع الفتق على الراتق.