* أثارت خطبة الجمعة التي ألقاها السيد الصادق المهدي ظهر الجمعة 25/1/2019 م بمسجد الإمام عبدالرحمن بودنوباوي بمدينة امدرمان والتي أعلن من خلالها دعم الثورة الظافرة والمطالبة بتنحي الرئيس البشير، أثارت جدلا واسعا وموجة من الآراء المتباينة والتي تراوحت بين الترحيب بالخطوة باعتبارها دعم صريح وواضح وإسناد للحراك الشعبي ومكسب لخط الثورة و هي ستشكل ضغطا إضافياً للنظام الذي بات يترنح الآن من ضربات الثوار المتلاحقة على مختلف الجبهات.
وفي موازاة ذلك هناك تيار آخر لا يرى فى خطوة الرجل إلا محاولة لإجهاض الثورة والتشكيك في نواياه باعتبار كل ذلك سيناريو معد بإتقان لامتصاص حالة غليان الشباب وتوفير ملاذات للنظام لالتقاط أنفاسه وهذا الفريق يستند على مواقف الرجل السابقة مع نميري عام 1977م وكذلك مواقفه مع التجمع الديمقراطي اعوام (1990 /1993) ومن ثم تسوية جيبوتي مع هذا النظام ودعواته المتكررة للهبوط الناعم وتعليقاته المستفزة من قبيل (بوخة مرقة، ووجع ولادة…. الخ) وتعليقات كريمته (المنصورة) والتي وصفت بها الانتفاضة بأنها كلمة اصبحت ( مبتذلة) ويتخوف أصحاب هذا التحليل من تكرار سيناريو انتفاضة مارس/”أبريل 1985 م وسرقة واختطاف الثورة من قبل احتياطي اليمين الرجعي بعد أن دفع الشباب دمائهم الغالية.
ولكن شتان ما بين ذلك الزمن و هذا الجيل الجديد جيل التضحيات والتكنولوجيا.
* يجب التأكيد على عدة حقائق أن موقف السيد الصادق وتأييده للثورة جاء متأخرا بعد حوالي (43) يوماً من انطلاقت الثورة بتاريخ 13/12/2018 بمدينة الدمازين بالنيل الأزرق وبالتالي فإن قواعده وأنصاره سبقوه وشاركوا منذ وقت مبكر في هذا الحراك ولم ينتظروا إشارة من سيادته.. (القواعد تسبق القيادات)
ولقد جاءت خطبته بعد أن بلغت الثورة ذروتها في ليلة الخميس 24/1/2019 م عندما استمرت التظاهرات السلمية والاحتجاجات الليلية في كافة احياء العاصمة القومية والولايات المختلفة حتى الساعات الأولى من يوم الجمعة. وبذلك تبدو وكأنها محاولة لفك العزلة التي ربما وجد الصادق نفسه فيها مع بوادر اقتراب ساعة الخلاص والنصر الذى بات وشيكا بعد أن فقد النظام شرعيته وبات يبحث عنها في دول الجوار….
وبالتالي يجب عدم التخوف من سيناريو الاختطاف لأن تجمع المهنيين والقوى السياسية والشباب على قدر من الوعي والحرص على تأمين الثورة ولا مجال للبدائل الزائفة وإعادة إنتاج الإنقاذ بأي شكل من الأشكال….
والصادق المهدي كزعيم لحزب من الأحزاب السياسية أعلن انضمامه لقطار الثورة مجبراً وليس بطلاً وعليه أن ياخذ مقعده ضمن قائمة المشاركين في المسيرة، وغير مسموح له بتخطي الصفوف والتسلق والوصول إلى الكتابية الأمامية
لفرض ميثاق أو برامج غير متوافق عليه كما أشار سيادته، والسؤال الذي يطرح نفسه من هم هؤلاء ال (20) الذين أشار عليهم للتوقيع على ميثاقه الذي يريد فرضه كامر واقع؟ ولماذا لم يتم الالتزام ببرنامج تجمع المهنيين والقوي السياسية التي سبقت السيد الصادق المهدي؟؟ وهذا ربما هو ما يعزز تشكيك بعض القوى السياسية في نوايا السيد الصادق.
* على الثوار الاستفادة من هذا الموقف الجديد والذي جاء متأخرا كما أشرنا وان يتم استغلاله بتكثيف التظاهرات والاحتجاجات السلمية والمسيرات والوقفات والاعتصامات ، باعتباره من مكاسب وايجابيات الثورة، كما نتطلع إلى عدم تضخيم الأمور والهاء الثوار واشغال الشباب بالصراعات الانصرافية وتخويفهم من مآلات الأمور، الى درجة الإصابة (بفوبيا) خطبة المهدي…….
* يجب أن يكون الراهن على قوة دفع عجلة الثورة والمحافظة على المد والزخم الثوري، لانتزاع الانتصار من براثن النظام عنوة واقتدارا وفرض استراتيجية ثورة الشعب من أجل إقامة دولة حكم القانون ووطن يسع الجميع ويسوده قيم الحرية والعدالة والمساواة…….
*وعلى الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي الارتقاء الى مستوى مسئولياتكم وإصدار بيانات لإدانة الجرائم التي يرتكبها النظام في حق الشعب السوداني الأعزل وحملة الاغتيالات والاعتقالات الواسعة والتي راح ضحيتها أكثر من (50) شهيداً ومئات الجرحى وآلاف المعتقلين ولقد استبقت صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية الحكومة الأمريكية والأمم المتحدة بمطالبتها في افتتاحيتها ليوم الخميس 24/1/2019 م الرئيس البشير بالتنحي والرحيل نتيجة استمرار التظاهرات الرافضة للنظام وهذا ما اعتبره البعض مؤشرا لبداية العد التنازلي لأيام النظام، وبداية النهاية لمعاناة الشعب السوداني……
وفي إطار استمرار الحراك الشعبي أعلن تجمع المهنين والقوى السياسية عن برنامج مواكب ومسيرات واعتصامات اسبوع الرحيل في العاصمة والولايات… والثورة مستمرة.
والشعب اقوى والردة مستحيلة
27/1/2019 م