المرأة تتصدر النضال ضد نظام الانقاذ

المرأة تتصدر النضال ضد نظام الانقاذ

بقلم دكتورة: ستنا بشير

مشاركة المرأة السودانية فى العمل العام ليست بجديدة، تاريخياً كان للمراة السودانية دوراً بارزاً منذ القدم، حيث تميزت الملكات فى تاريخ الحضارات السودانية القديمة مثل شناكداخيتي وأماني ريناس وكثير من ملكات الحضارة النوبية المعروفات بالكنداكات، ليستمر هذا الدفق والعطاء لتبرز مهيرة بت عبود والميرم مندي بت السلطان عجبنا وكثيرات، كل ذلك شكل إرثاً تاريخياً عبرت عنه نضالات المرأة السودانية بتضحياتها ومساهمتها فى العمل العام بعد نشؤ الدولة السودانية الحديثة، حيث أصبحت المرأة السودانية عضواً في البرلمان منذ الستينات، متقدمة بذلك على رصيفاتها في دول الجوار العربي والأفريقي، وشاركت في الثورات والنضال ضد المستعمر وضد الديكتاتوريات التى دحرتها الإنتفاضات الشعبية في أكتوبر 64، وفي مارس أبريل 85.
ومنذ تولى نظام الإنقاذ السلطة في 89، وهو يستهدف المرأة مستعيناً بقانون النظام العام وغيره من الوسائل السلطوية، في إذلال النساء ومحاولة إرهابهن وتحجيم دورهن والتضييق عليهن في الرزق، والملبس وحتى في طريقة المشي في الشارع، بشكل لم يسبق له مثيل فى تاريخ السودان، ما يعكس رؤية الإسلاميين المتخلفة للمرأة، ومحاولة تقييد حريتها ومصادرة حقها في الإختيار، وإنعدام التقدير لدورها وماتقدمه للمجتمع، ورغم ذلك ساهمت المرأة بشكل فاعل في كشف وتعرية تناقضات نظام الإنقاذ وإفلاسه كما ساهمت في تحريض وتحريك الشارع، وخرجت للتظاهر ضد النظام، ودخلت المعتقلات وخرجت منها أكثر قوة وتصميماً على النضال. كيف لا وهي أكثر من إكتوى من سياسات نظام الإنقاذ، فقد فقدت أبناءها وزوجها وأبوها واخوها في حروب النظام العبثية، وتشردت بمعسكرات النزوح، فالمرأة دائماً ما تدفع الفاتورة الأعلى للحروب.
أيضاً هي أكثر من يكتوي يومياً في محاولة تدبير إحتياجات أسرتها، وخاصة مع غياب رب الأسرة في سعيه لتوفير حياة كريمة لأسرته، تارة بالاغتراب وأخرى بالعمل لساعات طويلة، وهي من يتم تجريم خروجها للعمل العام، ووو…. الخ من أشكال المعاناة.
فإذاً، ليس من المستغرب أن تتصدر المرأة الحراك الجماهيري، أينما كان موقعها، في الأحزاب السياسية أو منظمات المجتمع المدني، والمبادرات النسوية وفي التجمعات المهنية، من داخل منزلها، وعلى وسائل التواصل الإجتماعي، وفي جميع مراكز الحراك.
ولذا استهدفت أجهزة أمن النظام النساء بالإعتقال والتعذيب والترهيب، في محاولة يائسة لضرب الحراك الشعبي، ولكن هيهات فالثورة قد إنطلقت ولن تتوقف إلا بإسقاط نظام الإنقاذ، نظام الجوع والفقر والاذلال، نظام إنعدام الحريات والقهر، ورميه في مزبلة التاريخ، وإقامة البديل الوطني الديمقراطي الذى من خلاله نبني سوداننا كما نريد ونتمنى.