السودان بين مطرقة السيول والأمطار وسندان استمرار الح.رب: من ينقذ الوطن؟
يشهد السودان كارثة مزدوجة تفاقمت بسبب غياب أو تغييب دور الدولة عن المشهد، وتداعيات استمرار الح.رب الدائرة، فمع حلول موسم الأمطار والسيول والفيضان، غابت مؤسسات الدولة عن الخدمة، تاركة المواطنين في مواجهة مصيرهم والكوارث بمفردهم، في كل الولايات، وبشكل خاص في 12 ولاية، إلا أن الخطر الأعظم يكمن في مناطق التعدين الأهلي التي تعاني من السيول والفيضانات والانهيارات الطينية وما يمكن أن تحمله السيول من مواد سامة وملوثة على صحة الإنسان والحيوان والزراعة ومياه الشرب السطحية والجوفية، والبيئة في مجملها لسنواتٍ طوال، وآخر تلك المآسي ما شهدته الولايات الشمالية والشرقية للبلاد.
إن انتشار الأمراض مثل الكوليرا والملاريا والتايفويد وأمراض العيون أصبح شائعاً نتيجةّ لانهيار النظام الصحي وغياب الرعاية الصحية الأساسية والمتقدمة وعدم القدرة على الحصول على الدواء، فالوضع الصحي الذي تأزم بسبب الح.رب جعل من هذه الأمراض وباءً يهدد حياة الآلاف من المواطنين، خاصةً النازحين الذين يعانون في مناطق الإيواء المؤقتة مثل المدارس والتجمعات التي تأثرت بشكلٍ كبير بالسيول والأمطار غير المألوفة، مما يدل على تغيرات مناخية كبيرة حدثت في السودان والمنطقة.
يضاعف من حدة ذلك آثار الحصار المضروب على مناطق عديدة، ومدن وقرى وأحياء غربي البلاد ووسطها وأجزاء من العاصمة الخرطوم، وفشل أكثر من موسم زراعي، مما يزيد من حدة نقص الغذاء وشبح المجاعة المعلنة، وتداعياتها الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية.
ورغم هذا الواقع المأساوي، لم يتم الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية ودعوة المنظمات الدولية والدول الصديقة لتقديم المساعدة اللازمة، رغم الجهود المقدرة لبعض الدول العربية في تقديم المساعدات، إلا أن هذه الجهود لا تغطي إلا جزءاً بسيطاً من الاحتياجات الفعلية للمتضررين الذين أصبحوا في العراء.
إن استمرار الح.رب والأمطار والسيول وتداعياتهما التي تمت الإشارة إليها، تشير إلى كارثة إنسانية وبيئية محدقة بالبلاد وشعبها، إن وقف الح.رب وإيصال العون والمساعدات لمستحقيها ووضع حد للمآسي والحرمان الذي يعيشه غالب السودانيين، في داخل بلادهم وخارجها، لم يعد شعاراً سياسياً للاستقطاب والاستقطاب المضاد أو الالتفاف عليه، وإنما مطلباً وطنياً، آنياً ومستقبلياً، قيمياً وأخلاقياً، إن استقرار السودان وشعبه والحفاظ على وحدته وسيادته وسلامة أراضيه تتطلب اليوم قبل الغد وقفة وطنية واسعة، لحشد الرأي والجهد والنشاط الشعبي الرافض للح.رب وتداعيات استمرارها، المكتوي بنيرانها، إلى الضغط بكل السبل على طرفيها لوقفها، بالاستجابة العملية للمطلب الوطني، والتحرر من نوازع المصالح الضيقة والتشبث بالسلطة، والوصاية على الشعب، وتعريض وحدة البلاد وسيادتها للخطر، ومحاولات قهر إرادته وإطفاء نجوم انتفاضته الثورية وتطلعاته في الحرية والسلام والعدالة، لإعادة الإعمار وتنمية ما دمرته الح.رب والطبيعة على حدٍ سواء.
نداء دولي عاجل لإغاثة الشعب السوداني، بالتزامن مع إنهاء الح.رب لإنقاذ حياة الملايين وإعادة البلاد إلى مسار الاستقرار والازدهار والسلم الأهلي والمساهمة الإيجابية في أمن واستقرار المحيط السوداني والإقليم.
كلمة الهدف
حزب البعث العربي الاشتراكي
2024/8/28