الإشاعة لقياس اتجاهات الرأي العام

الإشاعة لقياس اتجاهات الرأي العام

بقلم : اكرم عبد الوهاب

الإشاعة إحدى الوسائل الأمنية والاستخباراتية لقراءة وقياس اتجاهات الراي العام، من حيث الفترة الزمنية لصدوره او ردة الفعل الشعبية تجاه مشروع قرار.

تعتبر الإشاعة من الوسائل الأمنية المتقدمة لقياس الراي وتقبل المزاج الشعبي لقرار مصيري او تغيير في وجهة الضمير او الوجدان الوطني او أن يمس القرار قوت الشعب بصورة مباشرة او غير مباشرة.

كما تعمل الإشاعة كعمل استخباراتي على تقليل الصدمة المحتملة للقرار الذي في الغالب يتعارض مع المزاج الشعبي العام .

يكثر استخدام هذه الوسيلة في الدولة ذات الطبيعة الاستبدادية والأمنية بغرض قراءة المشهد، والعمل على تقليل ردة الفعل الشعبية لرفض القرار وعمل تحوطات ومصدات لهذا الرفض وتحويله إلى قبول او عدم اكتراث شعبي .

قراءتي لمشهد تفرد وتفلت مراكز قوى داخل سلطة الانتفاضة في السير في طريق خلق علاقات مع العدو الصهيوني ” التطبيع ” وإزالة جميع المتاريس الشعبية والقانونية والدستورية لبلوغ الغاية “التطبيع” بوسائل لا اخلاقية ومن وراء الشعب، وخارج اختصاص و صلاحيات ومهام الفترة الانتقالية ومتناقضه مع مضمون الانتفاضة الثورية وشعاراتها “حرية، سلام وعدالة” ، وفي تجاهل تام للقوى الرئيسية المشكلة للواقع السوداني ومواقفها لرفض هذة الخطوات والتعبير عن هذا الرفض في اكثر من مناسبة ، كما تجاهل هذا المركز داخل سلطة الانتفاضة، الموقف التاريخي للشعب بواسطة سلطة منتخبة وتلخيصه في صورة قانون 1958 لمقاطعة اسرائيل، حيث تمادى هذا المركز داخل السلطة الانتقالية، بالغاءه باستخدام وسيلة الإشاعة وتسريب الخطوة واختيار الزمن المناسب لصدور القرار .

شاع في الميديا خلال الأيام السابقة خبر مضمونه زيارة لوفد سوداني (لاسرائيل) يتقدم الوفد وزير العدل لسلطة الانتفاضة.

هذا الخبر تم نفيه من قبل السلطة، وفي بعض المصادر كما نشر ” تم الغاء الزيارة ” لكن عند قراءته ضمن سلسلة الخطوات السابقة له من زيارة رئيس مجلس السيادة مدينة عنتبي ولقاءة سرا كما يعتقد نتياهو، حيث علم الشعب وجزء من السلطة بهذا اللقاء عبر إذاعة العدو الصهيوني، والمسرحية الهزيلة التي بطلها رئيس مجلس الوزراء في انكار معرفته ومشاورته في اللقاء “برهان،نتنياهو” وعدم اتخاذ الخطوة عبر مؤسسات السلطة الانتقالية وهذا ما تصدى له بروف صديق تاور عضو مجلس السيادة وفضحه بجرأة وشجاعة وشفافية، كما واصل رئيس الوزراء د.عبدالله حمدوك في تغبيش المشهد اعلاميا، وبين عدم العلاقة بين التطبيع ورفع اسم السودان من قائمة الارهاب والديون، وساير مؤقتا المزاج الشعبي بإعلانه ” ليس من صلاحيات الفترة الانتقالية التطبيع مع اسرائيل ” ونكص عن إعلانه بتخصيص جزء من مداولات مجلس الوزراء لإلغاء قانون مقاطعة اسرائيل 1985م لتعبيد طريق التطبيع.

قراءة خبر زيارة وفد سوداني بقيادة وزير العدل( لاسرائيل) .

ضمن هذه الحلقات، نصل بنتيجة استخدام الإشاعة او تسريب الخبر لتقليل الأثر عند وقع الخبر للشعب.

كثرة استخدام هذه الوسيلة يفترض أن تحصن الشعب وطليعته تجاهها، وتعطيل مفعولها بالتصدي بقوة وحسم لهذا التوجه، بحشد الشعب وطليعته لهذا التوجه وايقاف خطواته المتصاعدة بفعل متقدم، لا ان نكون ردة فعل .